فصل: فصل في أحكام هذا الخيار فيه مسائل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 الباب السابع في نكاح المشرك

فيه أربعة أطراف‏.‏

الطرف الأول فيما يقر عليه الكافر من الأنكحة الجارية في الكفر إذا أسلم فإذا أسلم وتحته أربع كتابيات أو أقل استمر نكاحهن لأنه يجوز ابتداؤه في الإسلام وسواء في ذلك اليهودي والمجوسي والوثني والحربي والذمي وإن أسلم وتحته مجوسية أو وثنية أو غيرهما ممن لا يجوز نكاحها من الكافرات وتخلفت هي فإن كان قبل المسيس تنجزت الفرقة وإن كان بعده وأسلمت قبل انقضاء العدة استمر النكاح وإلا تبينا حصول الفرقة من وقت إسلام الزوج وإن أسلمت المرأة وأصر الزوج على كفره أي كفر كان فالحكم كما لو أسلم وأصرت على التوثن وإن أسلما معا بقيا على النكاح سواء فيه جميع أنواع الكفر وقبل المسيس وبعده والإعتبار في الترتيب والمعية بآخر كلمة الإسلام لا بأولها ولو نكح كافر لإبنه الصغير صغيرة فإسلام الأبوين أو أحدهما قبل بلوغهما كإسلام الزوجين أو أحدهما ولو نكح لطفله بالغة وأسلم أبو الطفل والمرأة معا قال البغوي يبطل النكاح لأن إسلام الولد يحصل عقب إسلام الأب فيقدم إسلامهما على إسلام الزوج لكن ترتب إسلام الولد على إسلام الأب لا يقتضي تقدما وتأخرا بالزمان فلا يظهر تقدم إسلامها على إسلإم الزوج قال وإن أسلمت عقب إسلام الأب بطل النكاح أيضاً لأن إسلام الولد يحصل حكما وإسلامها يحصل بالقول والحكمي يكون سابقا للقولي فلا يتحقق إسلامهما معاً‏.‏

حيث توقفنا في النكاح وانتظرنا الحال إلى انقضاء العدة فطلق فإن اجتمعا على الإسلام في العدة تبقنا وقوعه ويعتد من وقت الطلاق وإلا فلا طلاق وقيل في الطلاق قولا وقف العقود ففي قول لا يقع وإن اجتمعا في الإسلام قبل انقضاء العدة وطردا فيما إذا أعتق عبد أبيه على ظن حياته فبان ميتا كما لو باعه على ظن حياته فبان ميتاً والمذهب الأول لأن الطلاق والعتق يقبلان صريح التعليق فقبولهما تقدير التعليق أولى وكذا يتوقف في الظهار والإيلاء‏.‏

ولو قذفها ولم يجتمعا على إسلام في العدة لم يلاعن ويعزر إن كانت هي المتخلفة ويحد إن كان هو المتخلف وإن اجتمعا على الإسلام فله أن يلاعن لدفع الحد أو التعزير ولو سبق الزوج إلى الإسلام والزوجة وثنية فنكح في زمن التوقف أختها المسلمة أو أربعا سواها لم يصح وكذا لو طلقها رجعية في الشرك ثم أسلم ونكح في العدة أختها المسلمة أو أربعاً سواها لأن زوال نكاحها غير متيقن فلا ينكح من لا يجوز الجمع بينها وبينها وقال المزني يتوقف فيمن نكحها فإن أسلمت المتخلفة قبل انقضاء العدة بان بطلان نكاح الثانية وإلا بان صحته وذكر بعض الأصحاب أنه على قولي وقف العقود فعلى قول هو كما قال المزني والمذهب هو الأول وهو المنصوص وبه قطع الجماهير ولو أسلمت المرأة أولا ونكح في تخلفه أختها الكافرة ثم أسلم مع الثانية فإن كان بعد انقضاء عدة السابقة أقرت الثانية تحته وإن أسلم قبل انقضاء عدتها فله أن يختار من شاء منهما كما لو أسلم وتحته أختان أسلمتا معه وليس كالصورة السابقة فإنه هناك مسلم عند نكاح الثانية فلا ينكح الأخت على الأخت وهنا وقع النكاحان في الشرك‏.‏

 فصل ما ذكرناه أولا

كلام جملي في مواضع استمرار النكاح بعد الإسلام وعدم استمراره والمقصود الآن بيان شرط الإستمرار فإن لم يقترن شيء من مفسدات النكاح بالعقد الجاري في الشرك ولا بحالة عروض الإسلام فهو مقرر عليه فإن كانوا يعتقدون فساد شيء من ذلك لم نبال باعتقادهم وأدمنا ما هو صحيح عندنا وإن اقترن به مفسد نظر إن كان زائلا عند الإسلام وكانت بحيث يجوز نكاحها حينئذ ابتداء استمر عليه إلا إذا اعتقدوا فساده وانقطاعه وإن كان المفسد باقيا وقت الإسلام بحيث لا يجوز ابتداء نكاحها فلا تقرير بل يندفع النكاح ويتخرج على هذا الضابط مسائل إحداها عقدا بغير ولي وشهود أو أجبر البكر غير الأب والجد أو أجبرت الثيب أو راجع في القرء الرابع وهم يعتقدون امتداد الرجعة إليه فيقر عليه إذ لا مفسد عند الإسلام ونكاحها الآن جائز ولو نكح أمه أو بنته أو زوجة أبيه أو ابنه أو مطلقته ثلاثا قبل التحليل اندفع النكاح عند الإسلام لأنه لا يجوز ابتداؤه‏.‏

المسألة الثانية نكح معتدة غيره فإن كانت العدة باقية عند الإسلا اندفع النكاح وإلا استمر وخص صاحب الرقم هذا التفصيل بعدة النكاح قال وفي عدة الشبهة يقران وإن كانت المدة باقية لأن الإسلام لا يمنع دوام النكاح مع عدة الشبهة ولم يتعرض الجمهور لهذا الفرق وأطلقوا اعتبار التقرير بالإبتداء ولو كان نكحها بشرط الخيار لهما أو لأحدهما مدة مقدرة فإن كانت المدة باقية عند الإسلام اندفع النكاح وإلا استمر كالعدة وسواء قارن بقية العدة أم مدة الخيار إسلامهما أو إسلام أحدهما حتى لو أسلم أحدهما والعدة أو المدة باقية ثم أسلم الآخر وقد انقضت فلا تقرير كذا قاله الصيدلاني والإمام والغزالي والبغوي لأن المفسد لاقى إسلام أحدهما فغلب الفساد وعن القاضي حسين أن المؤثر اقترانه بإسلامهما فإن اقترن بإسلام أحدهما فقط لم يندفع النكاح لأن وقت الإمساك والإختيار هو حال اجتماعهما مسلمين والأول أصح‏.‏

المسألة الثالثة النكاح المؤقت إن اعتقدوه مؤبدا أقروا عليه وإن اعتقدوه مؤقتا لم يقروا سواء أسلما بعد تمام المدة أو قبلها لأن بعد المدة لا نكاح في اعتقادهم وقبلها يعتقدونه مؤقتا ومثله لا يجوز ابتداؤه‏.‏

المسألة الرابعة‏:‏ غصب حربي أو مستأمن إمرأة واتخذها زوجة وهم يعتقدون غصبها نكاحا قال القفال لا يقر إذ لا عقد والصحيح التقرير إذ ليس فيه إلا إقامة الفعل مقام القول فأشبه سائر وجوه الفساد ولو غصب ذمي ذمية لم يقر لأن على الإمام دفع قهر بعضهم بعضا بخلاف الحربي والمستأمن‏.‏

فرع إذا أسلما لم يبحث عن شرط نكاحهما في الإبتداء لأنه أسلم فلم يسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شروط أنكحتهم وأقرهم عليها وأما في حال الإسلام فالوجه الإحتياط‏.‏

 فصل قد سبق بيان ما إذا لم يقترن بالعقد الجاري في الشرك

مفسد وما إذا اقترن بالعقد مفسد وهذا الفصل لقسم ثالث وهو أن لا يقترن بالعقد لكن يطرأ مفسد ويقترن بالإسلام وفيه مسائل بناها جماعة على أن الإختيار والإمساك كابتداء العقد أم كاستدامته قالوا وفيه قولان مستنبطان أظهرهما عند الأصحاب الأول إحدى المسائل إذا أسلم ووطئت زوجته بشبهة ثم أسلمت أو أسلمت ثم وطئت بشبهة ثم أسلم قبل انقضاء العدة استمر نكاحهما على المذهب والمنصوص وإن كان لا يجوز ابتداء نكاح المعتدة لأن عدة الشبهة لا تقطع نكاح المسلم فذا أولى‏.‏

المسألة الثانية أسلم وأحرم ثم أسلمت في العدة فعن النص جواز إمساكها في الإحرام وكذا لو أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة ثم أسلمن وهو محرم له اختيار أربع منهن وللأصحاب طريقان أحدهما القطع بالمنع كما لو أسلم وتحته أمة وهو موسر لا يجوز إمساكها وهؤلاء حملوا النص على ما إذا أسلما معا ثم أحرم الزوج فله الاختيار لأنه ثبت قبل الإحرام وممن روي عنه هذا التأويل الأنماطي وابن سلمة وعن القفال إنكار هذا النص وقال تفحصت كتب الشافعي فلم أجده والطريق الثاني وهو الصحيح أن المسألة على قولين أحدهما المنع وأظهرهما ومختار أكثر الأصحاب الأخذ بظاهر النص لأن عروض الإحرام لا يؤثر كما في نكاح المسلم ولأن الإمساك استدامة فأشبه الرجعة‏.‏

المسألة الثالثة نكح في الكفر حرة وأمة ثم أسلم وأسلمتا معه فالمذهب أن الحرة تتعين للنكاح ويندفع نكاح الأمة وسواء نكحهما معاً أو مرتبا وتندفع الأمة أيضاً باليسار المقارن للإسلام وقيل في اندفاعها في الصورتين قولان بناء على الأصل المذكور والحاصل للفتوى أنه متى أسلم وتحته أمة وأسلمت معه أو جمعهما الإسلام في العدة فإن كان يحل له نكاح الأمة أمسكها وإن لم يحل ليسار أو أمن العنت اندفع نكاحها‏.‏

المسألة الرابعة أسلمت بعد الدخول وارتدت فإن لم يسلم الزوج حتى انقضت العدة بانت باختلاف الدين أولا وتكون العدة من يومئذ وإن أسلم قبل انقضائها سقط حكم تلك العدة من يومئذ ونتوقف فإن عادت إلى الإسلام قبل انقضاء العدة من وقت ردتها استمر النكاح وإلا انقطع من يوم الردة وكذا لو أسلم الزوج بعد الدخول وارتد إن لم تسلم المرأة إلى انقضاء العدة من وقت إسلامه بانت وإن أسلمت توقفنا فإن عاد الزوج إلى الإسلام قبل انقضاء العدة من وقت ردته استمر النكاح وإلا حصلت الفرقة من يومئذ قال الإمام وحكى القفال عن النص أنه يندفع النكاح في إسلام أحد الزوجين وارتداده ولا يتوقف والمشهور التوقف وعلى هذا قال البغوي وغيره الردة يفترق فيها حكم الإبتداء والإستدامة لأن ابتداء نكاح المرتد باطل غير منعقد على التوقف وفي الدوام توقفنا فالتحقت الردة بالعدة للشبهة والإحرام وإنما قيل بالتوقف في الردة ولم نجوز الإختيار فيها بخلاف الإحرام والعدة لأن منافاة الردة للنكاح أشد فإنها تقطعه بخلافهما ولهذا لا تجوز الرجعة في الردة وتجوز في الإحرام على الأصح ولو أسلم وتحته أكثر من أربع وارتد ثم أسلمت النسوة في العدة أو أسلم وأسلمن معه ثم ارتد قبل الإختيار لم يجز أن يختار أربعا منهن في الردة فإن عاد إلى الإسلام في العدة فله الإختيار حينئذ‏.‏

فرع قد بان بما ذكرنا أن القاطع للنكاح عند الإسلام منه ما موجوداً عند العقد واستمر كالعدة ومنه ما يطرأ كما لو نكح حرة على أمة ثم أسلم أو نكح أمة ثم أيسر وأسلم موسراً ثم هل يشترط في الإنقطاع أن يقارن المفسد إسلامهما أو يكفي اقترانه بإسلام أحدهما فيه خلاف سبق أما القسم الأول فالأصح الإكتفاء وأما الثاني فقد ذكرنا أن المذهب أنه إذا أسلم ومعه حرة وأمة اندفعت الأمة وكذا لو أسلمت الحرة المدخول بها معه أو بعده قبل انقضاء العدة ثم أسلمت الأمة ولو أصرت الأمة حتى انقضت العدة اندفعت باختلاف الدين ولو ماتت الحرة بعد إسلامها أو ارتدت ثم أسلمت الأمة اندفعت الأمة أيضاً وكفى اقتران إسلام الحرة بإسلامه ولو أسلم وتحته أمة وهو موسر ثم تلف ماله وأسلمت وهو معسر فله إمساكها وإنما يؤثر اليسار في الدفع إذا قارن إسلامهما جميعاً وقيل يكفي اقتران اليسار بإسلامه حكي هذا عن أبي يحيى البلخي قال وعكسه لو أسلم معسرا ثم أسلمت وهو موسر فله إمساكها نظرا إلى وقت إسلامه وعن ابن خيران في اليسار الزائل قولان وعن القاضي أبي حامد أن في صورة الحرة والأمة له إمساك الأمة فحصل خلاف في الصورتين والمذهب في صورة الحرة والأمة اندفاع الأمة وإن ماتت الحرة وفي صورة زوال اليسار عدم اندفاعها واعتبار اقترانه بإسلامهما لأن وقت فصل في الأنكحة الجارية في الشرك ثلاثة أوجه‏:‏ كذا نقلها الأكثرون وسماها الغزالي أقوالا والصحيح أنها محكوم بصحتها قال الله تعالى وامرأته حمالة الحطب وقالت امرأة فرعون ولأنهم لو ترافعوا إلينا لم نبطله قطعاً ولم نفرق بينهم وإذا أسلموا أقررناهم والفاسد لا ينقلب صحيحا ولا يقرر عليه والثاني أنها فاسدة لعدم مراعاتهم الشروط لكن لا نفرق لو ترافعوا رعاية للعهد والذمة ونقرهم بعد الإسلام تخفيفا والثالث لا نحكم بصحة ولا فساد بل نتوقف إلى الإسلام فما قرر عليه بانت صحته وما لا ففساده ومن الأصحاب من قطع بالصحة وإذا ثبت الخلاف فهل هو مخصوص بالعقود التي يحكم بفساد مثلها في الإسلام أم يجري في كل عقودهم مقتضى كلام المتولي وغيره التخصيص وقال الإمام من يحكم بفساد أنكحتهم يلزمه أن لا يفرق بين ما عقدوه بشروطنا وغيره والمصير إلى بطلان نكاح يعقد على وفق الشرائع كلها مذهب لا يعتقده ذو حاصل قلت الصواب التخصيص بل لم يصرح أحد بطرده في الجميع وليس في كلام الإمام إثبات نقل طرده وانما ألزمه إلزاما لهم الإنفصال عنه بأن الظاهر إخلالهم بالشروط فإن تصور علمنا ويبنى على الأصل المذكور مسألتان إحداهما طلق كافر زوجته ثلاثا ثم أسلما فإن قلنا بالصحيح وهو صحة أنكحتهم لا تحل إلا بمحلل وهذا هو نصه في المختصر وإن قلنا بالفساد فالطلاق في الفاسد لا يحوج إلى محلل فإذا قلنا بالصحيح فنكحت هذه المطلقة زوجا في الشرك ووطئها ثم طلقها ثم أسلمت فتزوجها الأول بعد إسلامه حلت وكذا يحصل التحليل للمسلم بنكاح ذمي أو حربي كتابية طلقها المسلم ثلاثاً‏.‏

المسألة الثانية التي يقرر نكاحها بعد الإسلام لها المهر المسمى إن كان صحيحاً فإن كان خمرا ونحوها فسيأتي حكم مهورهم الفاسدة إن شاء الله تعالى ومن اندفع نكاحها بإسلام الزوج إن لم تكن مدخولا بها وصححنا أنكحتهم فلها نصف المسمى إن كان صحيحاً وإن كان فاسداً فنصف مهر المثل وإن لم يسم شيئاً وجب المتعة ومن اندفعت بإسلامها فلا شيء لها على المشهور وقيل قولان ثانيهما وجوب نصف المهر لأنها محسنة بالإسلام فهي في معنى من ينسب الفراق إلى تخلفه وإن أفسدنا أنكحتهم فلا مهر مطلقا لأن المهر لا يجب في الفاسد بلا دخول وإن كانت مدخولا بها وصححنا أنكحتهم وجب المسمى إن كان صحيحا وإن أفسدناها فمهر المثل ثم عن القفال أن من صور الإندفاع من نكح محرما له ثم أسلم وجعل وجوب نصف المهر على الخلاف ورأى الإمام القطع بأنه لا شيء للمحرم من المهر قال ولا نقول انعقد العقد عليها ثم انفسخ بالإسلام وإنما ذلك في الأخت المفارقة من الأختين وفي الزائدات على أربع والموافق لا طلاق غير الإمام موافقة القفال‏.‏

فرع نكح مشرك أختين فطلقهما ثلاثا ثلاثا ثم أسلم وأسلمتا قال الأصحاب إن صححنا أنكحتهم نفذ الطلاق فيهما ولم ينكح واحدة منهما إلا بمحلل وإن أفسدناها فلا نكاح ولا طلاق ولا حاجة إلى محلل فيهما وإن توقفنا فلو لم يكن طلاق لاختار إحداهما وبان بذلك صحة نكاحها وفساد نكاح الأخرى فإذا طلقهما أمر بالإختيار لينفذ الطلاق في المنكوحة ويحتاج إلى محلل لها دون الأخرى ولو أسلم مع أختين ثم طلق كل واحدة ثلاثا فهنا يتخير قطعاً لأنهم لما أسلموا اندفع نكاح واحدة وإنما ينفذ الطلاق في المنكوحة ولو أسلم قبلهما أو أسلمتا قبله تخير قطعاً لأنه والحالة هذه لا يمسك إلا إحداهما وينفسخ نكاح الأخرى من وقت إسلام من تقدم إسلامه منهم ولو كان تحته أكثر من أربع فطلقهن ثلاثاً ثلاثاً ثم أسلموا فعلى الصحيح ينفذ الطلاق فيهن كلهن وعلى التوقف يختار أربعا فينفذ فيهن دون الباقيات قال الشيخ أبو علي ولو كان عنده حرة وأمة فطلقهما ثلاثا ثلاثا ثم أسلموا لم يجز له نكاح واحدة إلا بمحلل ولو أسلموا ثم طلقهما ثلاثا ثلاثا وقع الثلاث على الحرة لأنها متعينة وتندفع الأمة ولا يحتاج فيها إلى محلل وكذا لو أسلمتا ثم طلقهما ثلاثا ثلاثا ثم أسلم أو أسلم فطلقهما ثلاثا ثلاثا ثم أسلمتا لأن الإسلام لما جمع الجميع بان اندفاع الأمة من وقت إسلام من تقدم إسلامه منهم‏.‏

 فصل أصدق فاسدا

كخمر أو خنزير ثم أسلما بعد قبضه فلا شيء وإن أسلما قبل قبضه وجب مهر المثل وفي قول لها مهر المثل وإن قبضته وفي قول لا شيء وإن لم تقبض والمشهور الأول وهو الفرق وسواء كان المسمى خمرا معينة أو في الذمة ولو أصدقها حرا مسلما استرقوه ثم أسلما قبل قبضه أو بعده لم نقره في يدها بل نبطل ما جرى ويجب مهر المثل هكذا ذكروه وقياس ما سبق أن يخرج من يدها ولا ترجع بشىء كما تراق الخمرة المقبوضة ولو قبضت بعض الفاسد ثم أسلما وجب من مهر المثل بقسط ما لم يقبض ولا يجوز تسليم الباقي من الفاسد وطريق التقسيط أن ينظر فإن سميا جنساً واحداً وليس فيه تعدد كزق خمر قبضت نصفه ثم أسلما وجب نصف مهر المثل وإن تعدد المسمى كزقي خمر قبضت أحدهما فإن تساويا في القدر فكذلك وإلا فهل يعتبر الكيل أو الوزن أو العدد أوجه أصحها الأول وإن أصدقها خنزيرين فهل يعتبر العدد أم قيمتهما بتقدير ماليتهما وجهان أصحها الثاني وإن سميا جنسين فأكثر كزقي خمر وكلبين وثلاثة خنازير وقبضت إحدى الأجناس فهل ينظر إلى الأجناس فكل جنس بثلث أم إلى الأعداد فكل فرد سبع أم إلى القيمة بتقدير المالية أوجه أصحهما الثالث وحيث اعتبرنا تقويمها فهل طريقه أن تقدر الخمر خلا والكلب شاة والخنزير بقرة أم الكلب فهدا لاشتراكهما في الإصطياد والخنزير حيوانا يقاربه في الصورة والفائدة أم تعتبر قيمتها عند من يجعل لها قيمة كتقدير الحر عبدا في الحكومة فيه أوجه أصحها الثالث ولو ترابى كافران فباعه أو أقرضه درهما بدرهمين ثم أسلما أو ترافعا إلينا قبله فإن جرى تقابض لم نتعرض لما جرى ولم يلزم الرد وإن لم يجر أبطلناه وإن كان بعد قبض الدرهمين سألنا المؤدي أقصد أداءه عن الربح أم عن رأس المال وقد ذكرنا تفصيله في أواخر كتاب الرهن وجميع ما ذكرناه هو إذا تقابضا بتراض فإن أجبرهم قاضيهم على القبض في الربا والصداق وثمن خمر تبايعوها ثم أسلموا لم نوجب الرد على المذهب فالإسلام يجب ما قبله وإن ترافعوا إلينا في كفرهم فكذلك على الأظهر ويقال الأصح‏.‏

فرع نكحها مفوضة ويعتقدون أن لا مهر للمفوضة بحال ثم أسلم وإن كان إسلامهما قبل الدخول لأنه استحق وطءا بلا مهر‏.‏

إذا ترافع إلينا ذميان في نكاح أو غيره إن كانا متفقي وجب الحكم بينهما على الأظهر عند الأكثرين لقول الله تعالى وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولأنه يجب الذب عنهم كالمسلمين‏.‏

والثاني لا يجب لكن لا نتركهم على النزاع بل نحكم أو نردهم إلى حاكم ملتهم ورجحه الشيخ أبو حامد وابن الصباغ وقيل يجب الحكم بينهم في حقوق الله تعالى والقولان في غيرها لئلا حضيع وقيل عكسه والأصح طردهما في الجميع وإن كانا مختلفي الملة كيهودي ونصراني وجب الحكم على المذهب لأن كلا لا يرضى بملة صاحبه وقيل بالقولين ولو ترافع معاهدان لم يجب الحكم قطعاً وإن اختلف ملتهما لأنهم لم يلتزموا حكمنا ولم نلتزم دفع بعضهم عن بعض وقيل هما كالذميين وقيل إن اختلف ملتهما وجب والمذهب الأول ولو ترافع ذمي ومعاهد فكالذميين وقيل يجب قطعاً وإن ترافع مسلم وذمي أو معاهد وجب قطعاً‏.‏

فرع قال الأصحاب على اختلاف طبقاتهم إن قلنا وجب الحكم بين الكافرين فاستعدى خصم على خصم وجب إعداؤه وإحضار خصمه ليحكم بينهما ولزم المستعدى عليه الحضور وإن قلنا لا يجب الحكم لم يجب الأعداء ولا يلزمه الحضور ولا يحضر قهراً قال البغوي وغيره ولو أقر ذمي بالزنا أو سرقة مال مسلم أو ذمي حد قهرا إن أوجبنا الحكم بينهم وإلا فلا يحد إلا برضاه فاعتبر وأما قول الغزالي لايجب الحكم إلا إذا رضيا جميعاً فمردود مخالف لما عليه الأصحاب‏.‏

فرع سواء أوجبنا الحكم بينهم أم لا إنما نحكم بحكم الإسلام وإذا تحاكموا في أنكحتهم فنقر ما نقره لو أسلموا ونبطل ما لا نقره لو أسلموا فإذا نكح بلا ولي وشهود أو ثيبا بلا إذنها أو معتدة منقضية العدة عند الترافع وترافعا حكمنا بالتقرير والنفقة فلو كانت بعد في العدة أبطلناه ولم نوجب نفقة ولو نكح مجوسي محرما وترافعا في النفقة أبطلناه ولا نفقة ولو طلبت مجوسية النفقة من الزوج المجوسي أو اليهودي فوجهان وكذا في تقريرهما على النكاح أصحهما التقرير والحكم بالنفقة كما لو أسلما والتزما الأحكام ووجه المنع أنه لا يجوز نكاحها في الإسلام‏.‏

ولو جاء كافر تحته أختان وطلبوا فرض النفقة قال الإمام فيه تردد لأنا نحكم بصحة نكاحهما وإنما تندفع إحداهما بالإسلام قال والذي أدى القطع به المنع لقيام المانع وحيث لا نقرر في هذه الصور فهل يعرض القاضي المرفوع إليه عنهما أم يفرق بين الزوجين فيه وجهان أصحهما عند الإمام الإعراض وإنما يفرق إذا رضوا بحكمنا ووجه التفريق أنهم بالترافع أظهروا ما يخالف الإسلام كما لو أظهروا الخمر‏.‏

فرع إذا التمسوا من حاكم المسلمين ابتداء نكاح أجاب إن كانت كتابية ولم يكن لها ولي كافر ولا يزوج إلا بشهود مسلمين‏.‏

فرع قال المتولي لو لم يترافع إلينا المجوس لكن علمنا فيهم من محرماً فالمشهور أنه لا يتعرض لهم وحكى الزبيري قولا أن الإمام إذا عرف ذلك فرق بينهما كما لو عرف أن المجوسي نكح مسلمة أو مرتدة الطرف الثاني فيما إذا أسلم وتحته عدد من النسوة لا يجمع بينهن في الإسلام وفيه صور الصورة الأولى أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة وأسلمن معه أو تخلفن وهن كتابيات اختار أربعا منهن واندفع في نكاح الباقيات وإن كن مجوسيات أو وثنيات وهن مدخول بهن فتخلفن ثم أسلمن قبل انقضاء العدة من وقت إسلام الزوج فكذلك الحكم وسواء في هذا كله نكحهن معا أو مرتبا وإذا نكحهن مرتبا فله إمساك الأخريات ومفارقة الأوليات وإذا أسلم على أكثر من أربع وهن غير مدخول بهن وأسلمن معه أربع تقرر نكاحهن وارتفع نكاح الباقيات ولو كان دخل بهن فاجتمع إسلامه وإسلام أربع فقط في العدة تعين للنكاح حتى لو أسلم أربع من ثمان وانقضت عدتهن أو متن في الإسلام ثم أسلم الزوج وأسلمت الباقيات في عدتهن تعينت الأخريات ولو أسلم أربع ثم أسلم الزوج قبل انقضاء عدتهن وتخلفت الباقيات حتى انقضت عدتهن من وقت ولو أسلم أربع ثم أسلم الزوج قبل انقضاء عدتهن ثم أسلم الباقيات قبل انقضاء عدتهن من وقت إسلام الزوج اختار أربعا من الأوليات والأخريات كيف شاء فإن ماتت الأوليات أو بعضهن جاز له اختيار الميتات ويرث منهم‏.‏

فرع قبل كافر لإبنه الصغير نكاح أكثر من أربع نسوة ثم أسلم اندفع نكاح الزيادة على أربع لكن لا يختار الصبي ولا الولي لأنه خيار شهوة فيوقف حتى يبلغ ونفقتهن في مال الصبي لحبسهن عليه وكذا لو أسلم رجل وجن قبل الإختيار الصورة الثانية أسلم وتحته أم وبنتها نكحهما معا أو مرتبا وأسلمتا أو لم تسلما وهما كتابيتان فإن كان دخل بهما حرمتا أبداً ولكل واحدة مسماها إن جرت تسمية صحيحة وإلا فمهر المثل وإن لم يدخل بواحدة منهما فهل تتعين البنت للنكاح ويندفع نكاح الأم أم يتخير إحداهما قولان أظهرهما عند الأكثرين الأول وهما مبنيان عند الجمهور على صحة أنكحتهم إن صححناها تعينت البنت وحرمت الأم أبدا وإلا تخير فإن اختار البنت حرمت الأم أبداً وإن اختار الأم اندفعت البنت لكن لا تحرم مؤبدا إلا بالدخول بأمها وأما المهر فقال ابن الحداد إن خيرناه فللمفارقة نصف المهر لأنه دفع نكاحها بإمساك الأخرى وإن قلنا تتعين البنت فلا مهر للأم لاندفاع نكاحها بغير اختياره وقال القفال وغيره الحكم بالعكس إن خيرناه فلا مهر للمفارقة لأن التخيير يبنى على فساد نكاحهم فالمفارقة كأنه لم ينكحها حتى جوز الأصحاب لإبنه وأبيه نكاحها تفريعا على هذا القول وإذا لم يكن نكاح فلا مهر وإن عينا البنت فللأم نصف المهر لصحة نكاحها واندفاعه بالإسلام ومال الإمام إلى أنه لا مهر على هذا القول أيضاً لأنه صح نكاح البنت فتصير الأم محرما وإيجاب المهر للمحرم بعيد وقد سبق نظير هذا وإن دخل بالبنت فقط ثبت نكاحها وحرمت الأم أبدا ولا مهر لها عند ابن الحداد ولها نصفه عند القفال إن صححنا أنكحتهم وإن دخل بالأم فقط حرمت البنت أبداً وهل له إمساك الأم يبنى على القولين إذا لم يدخل بواحدة إن خيرناه أمسكها وإلا فلا ولها مهر المثل بالدخول الصورة الثالثة سبق أنه لو أسلم وتحته أمة وأسلمت معه فله إمساكها إن كان يحل له نكاح الأمة وإلا فلا فلو تخلفت نظر إن كان قبل الدخول تنجزت الفرقة كتابية كانت أو غيرها لأن المسلم لا ينكح الأمة الكتابية وإن كان بعد الدخول وجمعت العدة إسلامهما فهو كما لو أسلمت معه وإن كانت كتابية وعتقت في العدة فله إمساكها وإن لم تسلم ولا عتقت أو كانت وثنية ولم تسلم إلى انقضاء العدة تبينا اندفاع النكاح من وقت إسلامه وإن كان تحته إماء فأسلم وأسلمن معه اختار واحدة منهن إن كان ممن تحل له الأمة عند اجتماع إسلامه وإسلامهن وإلا فيندفع نكاحهن سواء سبق إسلامه أو سبقنه ولو أسلم وتحته ثلاث فأسلمت معه واحدة وهو معسر خائف من العنت ثم أسلمت الثانية في عدتها وهو موسر ثم أسلمت الثالثة وهو معسر خائف من العنت فإن قلنا بالأصح إن اليسار إنما يؤثر في اندفاع النكاح إذا اقترن بإسلامهما اندفع نكاح الثانية لفقد الشرط عند اجتماع إسلامه وإسلامها ويخير بين الأولى والثالثة وإن قلنا يؤثر عند إسلامه فقط لم تندفع الثانية بل تدخل في التخيير‏.‏

فرع أسلم وتحته إماء وأسلمت معه إحداهن فله أن يختارها وله الباقيات فإن أصررن على الشرك تبينا أنهن بن وقت إسلامه وأن عدتهن انقضت وإن أسلمن في العدة نظر إن كان اختار المسلمة أولا كانت بينونتهن باختياره إياها وإنه لم يكن اختارها اختار إحداهن واندفع الباقيات وإن طلق المسلمة أولا كان الطلاق متضمنا اختيارها ثم إن أصر الباقيات حتى انقضت عدتهن بان أنهن بن باختلاف الدين وإن أسلمن في العدة بان أنهن بن من وقت الطلاق فإنه وقت الإختيار وإن فسخ نكاح المسلمة أولا لم ينفذ لأنه إنما يفسخ الزائد وليس في الحال زيادة ثم إن أصررن اندفعن باختلاف الدين ولزم نكاح الأولى وإن أسلمن في العدة اختار من شاء من الجميع وقيل لا يجوز اختيار الأولى بل نتبين نفوذ فسخه فيها والصحيح الأول الصورة الرابعة أسلم وفي نكاحه حرة وأربع إماء مثلا وأسلمن نظر إن أسلمت الحرة معه أو كانت مدخولا بها وأسلمت قبل انقضاء عدتها تعينت واندفع الإماء سواء أسلمن قبله وقبل الحرة أو بعدهما في العدة أو بينهما وإذا تأخر إسلامهن فإن أسلمن في العدة بن من وقت اجتماع إسلام الزوج والحرة وعدتهن من ذلك الوقت وإن لم يسلمن حتى انقضت العدة فبينونتهن باختلاف الدين وإن لم يجتمع إسلام الحرة وإسلامه في العدة بأن أسلم الزوج وأصرت هي إلى انقضاء العدة أو ماتت في العدة أو أسلمن أولا وتخلف الزوج حتى انقضت عدتها أو ماتت فالحكم كما لو لم يكن تحته حرة فيختار واحدة من الإماء على التفصيل السابق وفي مدة تخلف الحرة المدخول بها لا يختار واحدة من الإماء سواء أسلمن معه أو بعده في العدة حتى يئس منها بالموت أو انقضاء العدة فإن اختار واحدة قبل اليأس ثم ماتت الحرة أو انقضت عدتها وهي مصرة فالمذهب أنه يجب اختيار جديد ولا يتبين صحة ذلك الإختيار هذا كله إذا لم يطرأ عتق الإماء فإن طرأ قبل اجتماع إسلامه وإسلامهن بأن عتقن ثم أسلم وأسلمن أو أسلمن ثم عتقن ثم أسلم أو أسلم وعتقن ثم أسلمن التحقن بالحرائر الأصليات حتى لو أسلمت الحرة ثم أسلمت الإماء المتخلفات بعد عتقهن فهو كما لو أسلم على حرائر فيختار من الجميع أربعا كيف شاء وحكى ابن القطان وجها فيما إذا أسلم وتحته حرائر وإماء فعتق الإماء ثم أسلمن أنه لا يجوز إلا اختيار الحرائر الأصليات وهذا ضعيف ولو تخلفت الحرة واجتمع إسلامه وإسلامهن وهن عتيقات فله أن يختارهن ثم إن أسلمت الحرة المتخلفة في العدة بانت باختياره الأربع وإن لم تسلم بانت باختلاف الدين وإن أخر الإختيار انتظارا لإسلام الحرة الأصلية المتخلفة فقال الشيخ أبو حامد هو جائز‏.‏

قال ابن الصباغ عندي أنه لا معنى لتأخير اختيار الجميع لأنه يلزمه نكاح ثلاث منهن لا محالة فيختار ثلاثا ثم إن أسلمت المتخلفة في العدة اختارها أو الرابعة من العتيقات وإن لم تسلم لزمه نكاح الرابعة من العتيقات ولو أسلم وليس في نكاحه إلا إماء وتخلفن وعتقن ثم أسلمن في العدة اختار منهن أربعا كالحرائر الأصليات ولو أسلمن معه إلا واحدة ثم أسلمت المتخلفة في العدة بعدما عتقت تعينت للنكاح كالحرة الأصلية ولو كان تحته أربع إماء فأسلم معه ثنتان وتخلف ثنتان فعتقت واحدة من المتقدمتين وأسلمت المتخلفتان على الرق اندفعتا لأن تحت زوجهما عتيقة ولا تندفع الرقيقة المتقدمة لأن عتق صاحبتها كان بعد اجتماع إسلامها وإسلام الزوت فلا يؤثر في حقها فيختار واحدة من المتقدمتين ولو كان تحته إماء فأسلم الزوج مع واحدة ثم عتقت ثم عتق الباقيات ثم أسلمن اختار أربعا منهن لإلتحاقهن بالأصليات وليس له اختيار الأولى لأنها كانت رقيقة عند اجتماع الإسلامين ولو كان تحته أربع إماء فأسلم معه اثنتان ثم عتقتا وعتقت المتخلفتان ثم أسلمتا تعين إمساك الأخريين واندفعت المتقدمتان ولو أسلم الزوج وتخلفن ثم عتقت اثنتان ثم أسلمتا وأسلمت الأخريان ثم عتقتا تعين إمساك الأوليين واندفعت المتأخرتان والنظر في جميع ذلك إلى حالة اجتماع الإسلامين لأنه حالة إمكان الإختيار‏.‏

 فصل عتق الأمة تحت عبد يثبت لها الخيار

في فسخ النكاح كما في الباب الآتي إن شاء الله تعالى‏.‏

والغرض هنا بيان عتق المشركة مع إسلامها فإذا نكح عبد كافر أمة ثم أسلمتا وعتقت نظر إن عتقت بعد اجتماع الإسلامين فهي كسائرالإماء يعتقن تحت العبيد وليس هذا من صور لفصل وإن عتقت قبل اجتماع الإسلامين وهي مدخول بها فلها حالان أحدهما أن تسلم هي أولا وتعتق ويتخلف الزوج فليس لها الإجازة سواء عتقت ثم أسلمت أو أسلمت ثم عتقت لأنها معرضة للبينونة ولا يبطل بهذه الإجازة حقها من الفسخ وإن اختارت الفسخ في الحال جاز فإذا فسخت فإن أسلم الزوج قبل انقضاء مدة عدتها فعدتها من وقت الفسخ وتعتد عدة حرة فإن لم تسلم حتى انقضت مدة عدتها فعدتها من وقت إسلامها ويلغو الفسخ بحصول الفرقة قبله وتعتد عدة حرة إن عتقت ثم أسلمت وإن أسلمت ثم عتقت فهي أمة عتقت في أثناء عدتها فهل تعتد عدة حرة أم عدة أمة فيه طريقان أقربهما إلى نص الشافعي رضي الله عنه وبه قطع في الشامل وغيره أنها كالرجعية تعتق في أثناء العدة والمذهب فيها الإقتصار على عدة أمة وموضع بيانهما كتاب العدد ولو أرادت تأخير الفسخ إلى أن تبين حال الزوج جاز ولا يبطل خيارها كالرجعية إذا عتقت في العدة والزوج رقيق ثم إن لم يسلم الزوج حتى انقضت مدة العدة سقط الخيار وعدتها من وقت إسلامها وهي عدة حرة إن عتقت ثم أسلمت وإن أسلمت ثم عتقت فهل هي عدة حرة أم أمة فيه الطريقان وإن أسلم الزوج فلها الفسخ وتعتد من وقت الفسخ عدة حرة الحال الثاني أسلم وتخلفت فلها الخيار على الصحيح لتضررها برقه وقيل لا خيار لها لأن خيار العتق من أحكام الإسلام وهي كافرة فلا يثبت لها فإذا قلنا بالصحيح فلها تأخير الفسخ والإجازة ثم إن أسلمت قبل مضي العدة وفسخت اعتدت من وقت الفسخ عدة حرة وإن لم تسلم حتى انقضت تبينا حصول الفرقة من وقت إسلام الزوج وهل تعتد عدة حرة أم أمة فيه الطريقان وهنا أولى بإلحاقها بالأمة لأنها بائن ليس بيد الزوج من أمرها شيء ولو أجازت قبل أن تسلم لم تصح إجازتها على الصحيح لأنها معرضة للبينونة ولو فسخت نفذ الفسخ على الصحيح وقول الأكثرين كالحالة الأولى وقيل لا ينفذ وبه قال ابن سلمة وهو ظاهر نقل المزني لكنه مؤول عند الجمهور‏.‏

فرع أسلم الزوج الرقيق هل لزوجته الكافرة خيار وجهان أصحهما على ما قال الإمام والمتولي لا لأنها رضيت برقه ولم يحدث فيها عتق والثاني نعم وهو ظاهر نصه لأن الرق نقص في الإسلام وليس كبير نقص في الكفر قال الداركي الخلاف في أهل الحرب أما الذمية مع الذمي فلا خيار لها قطعاً لأنها رضيت بأحكامنا واعلم أن الوجهين جاريان سواء كانت الزوجة حرة أو أمة وسواء أسلمت أو لم تسلم إذا كانت كتابية كذلك قال البغوي وغيره وفي الوسيط ذكر الوجهين فيما إذا أسلمت الحرة وليس هو بقيد فاعلم ذلك‏.‏

 فصل العبد الكافر إذا أسلم وتحته أكثر من إمرأتين

فأسلمن معه أو بعده في العدة إن دخل بهن اختار ثنتين منهن سواء كن حرائر أو إماء فإن شاء اختار حرتين أو حرة وأمة وإن سبقن بالإسلام ثم أسلم في العدة فكذلك ولو طرأ عتقه نظر إن عتق بعد اجتماع الإسلامين لم يؤثر عتقه في زيادة العدد فلا يزيد على ثنتين وإن عتق قبل الإسلامين بأن عتق قبل إسلامه وإسلامهن أو بينهما تقدم إسلامه أو تأخر فله حكم الأحرار وللزوجات ثلاثة أحوال أحدها أن يتمحضن حرائر فيختار أربعا منهن ولو أسلم منهن ثنتان معه ثم عتق ثم أسلم الباقيات فليس له إلا اختيار ثنتين إما الأوليين وإما ثنتين من الباقيات وإما واحدة منهما وواحدة منهن ولو أسلمت معه واحدة ثم عتق ثم أسلمت وحكى ابن القطان وجها أنه لا يختار إلا ثنتين وهو غريب ضعيف‏.‏

الحال الثاني أن يتمحضن إماء فإن كن قد عتقن عند اجتماع الإسلامين اختار منهن أربعا وإلا فلا يختار إلا واحدة بشرط الإعسار وخوف العنت ولو كان تحته أربع إماء فأسلمت معه اثنتان ثم عتق ثم أسلمت المتخلفتان لم يختر إلا اثنتين لأنه وجد كمال عدد العبيد قبل العتق ويجوز اختيار الأوليين لأنه كان رقيقا عند اجتماع إسلامه وإسلامهما ولا يجوز اختيار الأخريين على الصحيح وجوزه القاضي حسين ولا يجوز اختيار واحدة من الأوليين وواحدة من الأخريين على الأصح ولو أن المتخلفتين عتقتا بعد عتقه ثم أسلمتا فله اختيارهما وله اختيار واحدة منهما وواحدة من الأوليين لأنهما حرتان عند اجتماع الإسلام فصار كما لو كان تحته أربع حرائر فأسلم معه ثنتان ثم عتق ثم أسلمت الآخرتان فإنه يختار ثنتين كيف شاء ولو أسلمت معه واحدة من الإماء الأربع ثم عتق ثم أسلمت البواقي قال المتولي لا يختار إلا واحدة على الصحيح وبهذا قطع البغوي لكن قياس الأصل السابق جواز اختيار ثنتين لأنه لم يستوف عدد العبيد قبل العتق فإذا قلنا لا يختار إلا واحدة تعينت الأولى كذا قاله المتولي والبغوي قال المتولي وعلى طريقة القاضي يختار واحدة من الجملة وعكس الإمام فحكى عن القاضي أن الأولى تتعين وعن سائر الأصحاب أنه يختار واحدة من الجملة قال وقول القاضي هفوة منه ولو عتقت البواقي بعد إسلام الواحدة معه ثم أسلمن قال البغوي له إمساك الجميع لأنه لم يستوف عدد الرق قبل العتق فله إمساك الأولى لأنه كان رقيقا عند اجتماع إسلامه وإسلامها والبواقي كن حرائر عند اجتماع إسلامه وإسلامهن فله إمساكهن لأن إدخال الحرائر على الإماء جائز الحال الثالث إذا كن حرائر وإماء اندفعت الإماء ويختار أربعا من الحرائر إن زدن على الأربع وإلا فيمسكهن ولو كان تحته حرتان وأمتان فأسلم معه حرة وأمة ثم عتق ثم أسلمت المتخلفتان لم يختر إلا اثنتين لاستيفاء العدد قبل العتق وله اختيار الحرتين واختيار الأمة الأولى مع حرة وليس له اختيار الثانية مع حرة الطرف الثالث في ألفاظ الإختيار وأحكامه أما ألفاظه فكقوله اخترت نكاحك أو تقرير نكاحك أو حبسك أو عقدك أو اخترتك أو أمسكتك أو أمسكت نكاحك أو ثبت نكاحك أو ثبتك أو حبستك على النكاح وكلام الأئمة يقتضي أن جميع هذا صريح لكن الأقرب أن يجعل قوله اخترتك وأمسكتك من غير تعرض للنكاح كناية ولو كان تحته ثمان مثلا وأسلمن معه فاختار أربعا منهن للفسخ وهو يريد حله بلا طلاق لزم نكاح الباقيات وإن لم يتلفظ فيهن بشىء ولو قال لأربع أريدكن ولأربع لا أريدكن قال المتولي يحصل التعيين بذلك وقياس ما سبق حصول التعيين بمجرد قوله أريدكن‏.‏

فروع الفرع الأول طلق واحدة منهن أو أربعا كان تعيينا للنكاح لأن المنكوحة هي التي تخاطب بالطلاق فتندفع الأربع المطلقات بالطلاق والباقيات بالفسخ بالشرع ولو طلق أربعاً غير معينات أمر بالتعيين فإذا عين فالحكم ما ذكرنا هذا هو الصحيح الذي قطع به الجمهور وفي التتمة وجه أن الطلاق ليس تعيينا للنكاح ولو آلى أو ظاهر من واحدة أو عدد فوجهان أحدهما أنه تعيين لنكاحهن وأصحهما لا لأن الأجنبية تخاطب به بل هو بها أليق فعلى هذا إن اختار من ظاهر منها أو آلى للنكاح صح الظهار والإيلاء ويكون ابتداء مدة الإيلاء من وقت الإختيار ويصير عائدا إن لم يفارقها في الحال ولو قذف إحداهن لزمه الحد إن كانت محصنة ولا يسقط إلا بالبينة إن اختار غير المقذوفة وإن اختارها سقط بالبينة وباللعان‏.‏

الفرع الثاني قال فسخت نكاح هذه أو هؤلاء الأربع أو قال اخترت هذه للفسخ أو هذه للفسخ من غير لفظ اخترت فإن أراد الطلاق فهو اختيار للنكاح وإن أراد الفراق أو أطلق فهو اختيار للفسخ ولو قال لواحدة فارقتك فالأصح أنه فسخ وبه قال الشيخ أبو حامد ورجحه ابن الصباغ والمتولي وغيرهما وعن القاضي أبي الطيب أنه كقوله طلقتك لأنه من صرائح الطلاق الفرع الثالث لو اختار الجميع للنكاح أو الفسخ فهو لغو ولو طلق الجميع وقع على المنكوحات ويعينهن‏.‏

الفرع الرابع قال إن دخلت الدار فقد اخترتك للنكاح أو للفسخ لم يصح لأن تعليق الإختيار باطل فإنه إما كالإبتداء كالنكاح وإما كالرجعة وقيل يصح تعليق الفسخ كالطلاق وهو ضعيف‏.‏

ولو قال إن دخلت الدار فأنت طالق فالصحيح جوازه تغليبا لحكم الطلاق ويحصل اختيارها ضمنا فإنه يحتمل في الضمني ما لا يحتمل استقلالا ولو قال إن دخلت الدار فنكاحك مفسوخ إن أراد الطلاق نفذ وإلا لغا ولو قال كلما أسلمت واحدة فقد اخترتها للنكاح لم يصح ولو قال فقد طلقتها صح على الأصح‏.‏

ولو قال فقد فسخت نكاحها إن أراد حله بلا طلاق لم يجز لأن تعليق الفسخ لا يجوز وإن أراد الطلاق جاز وإذا أسلمت واحدة طلقت وحصل اختيارها ضمنا وهكذا إلى تمام الأربع وتندفع الباقيات وفي وجه لا يصح تفسير الفسخ بالطلاق وهو ضعيف‏.‏

الفرع الخامس لا يكون الوطء اختيارا للموطوءة على المذهب لأن الإختيار هنا كالإبتداء ولا يصح ابتداء النكاح بل استدامته إلا بالقول فإن الرجعة لا تحصل بالوطء فلو وطىء الجميع وجعلناه اختيارا كان مختارا للأوليات وعليه المهر للباقيات وإن لم نجعله اختيارا اختار أربعا منهن وغرم المهر للباقيات‏.‏

الفرع السادس قال حصرت المختارات في هؤلاء الست أو الخمس انحصرن ويندفع نكاح فرع أسلم على ثمان وثنيات فأسلم معه أربع وتخلف أربع فعين الأوليات للنكاح صح التعيين فإن أصرت المتخلفات اندفعن من وقت إسلامه وإن أسلمن في العدة قال البغوي تقع الفرقة باختيار الأوليات وقال الإمام نتبين اندفاعهن باختلاف الدين لكن نتبين تعيينهن من وقت تعيينه للأوليات وهذا هو الموافق لأصول الباب وإن طلق الأوليات صح وتضمن اختيارهن وينقطع نكاحهن بالطلاق ونكاح الأخريات بالفسخ بالشرع وإن قال فسخت نكاحهن فإن أراد به الطلاق فكذلك وإن أراد حله بلا طلاق فهو لغو لأن الحل هكذا إنما يكون فيما زاد على أربع فإن لم تسلم المتخلفات تعين الأوليات وإن أسلمن اختار من الجميع أربعا وللمسلمات أن يدعين أنك إنما أردت طلاقنا ويحلفنه وللمتخلفات أيضاً أن يدعين إرادة الطلاق وبينونتهن بالفسخ الشرعي ويحلفنه وفي وجه لا يلغو الفسخ بل هو موقوف إن أصررن حتى انقضت العدة لغا وإن أسلمن فيها تبينا نفوذه في الأوليات وتعين الأخريات للنكاح والصحيح الأول ولو عين المتخلفات للفسخ صح وتعينت الأوليات للزوجية وإن عين المتخلفات للنكاح لم يصح لأنهن وثنيات وقد لا يسلمن وعلى وجه الوقف ينعقد الإختيار موقوفا فإن أسلمن بانت صحته ولو أسلم على ثمان وثنيات فتخلفن ثم أسلمن متعاقبات في عددهن وهو يقول لكل من أسلمت فسخت نكاحك فإن أراد الطلاق صار مختارا للأوليات وإن أراد حله بلا طلاق فهو على الصحيح لغو في الأربع الأوليات نافذ في الأخريات لأن فسخ نكاحهن وقع وراء العدد الكامل فنفذ وعلى وجه الوقف إذا أسلمت الأخريات تبينا نفوذ الفسخ في الأوليات ولو أسلم معه من الثمان خمس فقال فسخت نكاحهن فإن أراد الطلاق صار مختارا لأربع منهن وبن بالطلاق وعليه التعيين وإن أراد حله بلا طلاق انفسخ نكاح واحدة لا بعينها فإذا أسلمت المتخلفات في العدة اختار من الجميع أربعا‏.‏

ولو قال فسخت نكاح واحدة منكن إن أراد الطلاق صار مختارا لواحدة لا بعينها فيعينها ويختار للنكاح من الباقيات ثلاثة وإن أراد حله بلا طلاق انفسخ نكاح واحدة فيعينها ويختار من الباقيات أربعاً وإن انفسخ نكاح اثنتين منهن غير معينتين وأراد حله بلا طلاق انفسخ نكاح واحدة فيعينها ويختار من الباقيات أربعاً فلو عين ثنتين انفسخت واحدة منهما فيعينها وله اختيار الأخرى مع ثلاث أخر ولو اختار الخمس كلهن تعينت المنكوحات فيهن فيختار منهن أربعاً‏.‏

 فصل أما حكم الإختيار

فإذا أسلم على أكثر من أربع وأسلمن معه بعده في العدة أو كن كتابيات وقعت الفرقة بينه وبين الزيادة على أربع بالإسلام ويجب عليه الإختيار والتعيين وإن امتنع حبس فإن أصر ولم ينفع الحبس عزر بما يراه القاضي من الضرب وغيره وعن ابن أبي هريرة أنه لا يضرب مع الحبس بل يشدد عليه الحبس فإن أصر عزر ثانيا وثالثا إلى أن يختار فإن جن أو أغمي عليه في الحبس خلي حتى يفيق ولا يختار الحاكم عن الممتنع لأنه خيار شهوة قال الإمام وإذا حبس لا يعزر على الفور فلعله يؤخر ليفكر وأقرب معتبر فيه مدة الإستتابة واعتبر الروياني في الإمهال الإستنظار فقال ولو استمهل أمهله الحاكم ثلاثة أيام ولا يزيد ويلزمه نفقة جميعهن إلى أن يختار لأنهن في حبسه‏.‏

فرع مات قبل التعيين فإن لم يكن دخل بهن فعلى كل واحدة بأربعة أشهر وعشر وإن دخل بهن فعدة الحامل بالحمل وأما غير الحامل فمن كانت من ذوات الأشهر اعتدت بأربعة أشهر وعشر وإن كانت من ذوات الأقراء لزمها الأكثر من ثلاثة أقراء وأربعة أشهر وعشر ثم الأشهر تعتبر من موته وفي الأقراء وجهان ويقال قولان أحدهما كذلك لأنا لا نتيقن شروعها في العدة قبل ذلك وأصحهما الإعتبار من وقت إسلامهما إن أسلما معاً وإلا فمن إسلام سابق لأن الأقراء إنما فرع مات قبل التعيين وقف لهن ربع ماله أو ثمنه عائلا أو بحسب الحال إلى أن يصطلحن فيقسم بينهن بحسب اصطلاحهن بالتساوي أو التفاضل وعن ابن سريج أنه يوزع بينهن لأن البيان غير متوقع وهن معترفات بالإشكال وبأنه لا ترجيح ومال الإمام إلى هذا الوجه والصحيح الذي عليه الجمهور هو الأول فإن كن ثمانيا وفيهن صغيرة أو مجنونة صالح عنها وليها وليس له المصالحة على أقل من ثمن الموقوف وله المصالحة على الثمن على الأصح وقيل لا يصالح على أقل من الربع ثم المصالحة إذا اصطلحن كلهن فلو طلب بعضهن شيئاً بلا صلح لم ندفع إلى المطالبة شيئاً إلا باليقين ففي ثمان نسوة لو طلب أربع منهن لم نعطهن فإن طلب خمس أعطيناهن ربع الموقوف وإن طلب ست فنصفه وسبع ثلاثة أرباعه ولهن قسم ما أخذن والتصرف وهل يشترط في الدفع أن يبرئن عن الباقي وجهان أحدهما اعم ونسبه ابن كج إلى النص لتنقطع الخصومة وأصحهما لا فعلى الأول يعطى الباقي للثلاث ويرتفع الوقف وكأنهن اصطلحن على القسمة هكذا هذا كله إذا علمنا استحقاق الزوجات الإرث أما إذا أسلم على ثمان كتابيات فأسلم معه أربع أو كان تحته أربع كتابيات وأربع وثنيات فأسلم معه الوثنيات ومات قبل الإختيار فوجهان أصحهما وهو المنصوص لا يوقف شيء للزوجات بل يقسم كل التركة بين باقي الورثة لأن إستحقاق الزوجات غير معلوم لإحتمال أنهن الكتابيات والثاني يوقف لأن إستحقاق سائر الورثة قدر نصيب الزوجات غير معلوم واختاره ابن الصباغ وهو قريب من القياس قلت المختار المقيس هو الأول لأن سبب الإرث في سائر الورثة موجود وشككنا في المزاحم والأصل عدمه وإرث الزوجات لم نتحققه والأصل عدمه و الله أعلم‏.‏

ويجري الوجهان فيما لو كان تحته مسلمة وكتابية فقال إحداكما طالق ومات قبل البيان‏.‏

فرع مات ذمي عن أكثر من أربع نسوة قال صاحب التلخيص الربع لهن كلهن وقال آخرون لا يرث منهن إلا أربع فيوقف بينهن حتى يصطلحن ويجعل الترافع إلينا بمثابة إسلامهم وبنى القفال الخلاف على صحة أنكحتهم فإن صححناها ورث الجميع وإلا لم يرث إلا أربع ولو نكح مجوسي أمه أو بنته ومات قال البغوي منهم من بنى التوريث على هذا الخلاف والمذهب القطع بالمنع لأنه ليس بنكاح في شيء من الأديان ولا يتصور التقرير عليه في الإسلام‏.‏

فرع المتعينات للفرقة للزيادة على أربع هل تحسب عدتهن من وقت أم من وقت إسلام الزوجين إن أسلما معا وإسلام السابق إن الطرف الرابع في النفقة والمهر أما النفقة فإن أسلم الزوجان معا استمرت النفقة كما يستمر النكاح وإن أسلما متعاقبين بعد الدخول والصورة إذا كانت الزوجة مجوسية أو وثنية فإن أسلم قبلها فإن أصرت حتى انقضت عدتها فلا نفقة لأنها ناشزة بالتخلف وإن أسلمت في العدة استحقتها من وقت الإسلام ولا تستحقها لمدة التخلف على الجديد الأظهر فعلى هذا لو اختلفا فقال أسلمت اليوم فقالت بل من عشرة أيام فالقول قوله للأصل وكذا إذا قلنا بالقديم فقال أسلمت بعد العدة فلا نفقة وقالت بل فيها فالقول قوله أما إذا أسلمت قبله فإن أسلم قبل انقضاء العدة فلها النفقة لمدة التخلف على المشهور وقيل الصحيح لأنها أدت فرضا مضيقا فهو كصوم رمضان وإن أصر حتى انقضت العدة استحقت نفقة مدة العدة على الأصح عند الجمهور وهو المنصوص في المختصر ولو قال أسلمت أولا فلا نفقة لك فادعت العكس فمن المصدق بيمينه وجهان أصحهما هي لأن النفقة كانت واجبة وهو يدعي مسقطاً‏.‏

فرع ارتدت بعد الدخول فلا نفقة لزمن الردة لنشوزها سواء عادت الإسلام في العدة أم لا ولا يجيء القول القديم‏.‏

قلت ذكر صاحب المهذب وآخرون طريقين أحدهما طرد القولين القديم والجديد والله أعلم‏.‏

وإن ارتد فعليه نفقة مدة العدة وإن ارتدا معا قال البغوي لا نفقة ويشبه أن يجيء فيه خلاف كتشطر المهر‏.‏

 فصل أما المهر إذا أسلم أحدهما قبل الدخول أو بعده

فسبق بيانه ذكر الخلاف في صحة أنكحتهم فلو قالت سبقتني بالإسلام قبل الدخول فعليك نصف المهر فادعى العكس صدقت بيمينها لأن الأصل بقاء نصف الصداق ولو ادعى سبقها فقالت لا أدري أينا سبق لم يتمكن من طلب المهر فإن عادت وقالت علمت أنه سبق صدقت بيمينها وأخذت النصف ولو اعترفا بالجهل بالسابق فلا نكاح لاتفاقهما على تعاقب الإسلام قبل الدخول ثم إن كان ذلك قبل قبض المهر لم تتمكن من طلبه لاحتمال سبقها وإن كان بعده لم يتمكن هو من استرداد النصف لاحتمال سبقه فيقر النصف في يدها حتى يتبين الحال ولو اختلفا في بقاء النكاح فقال أسلمنا معا فالنكاح باق وقالت بل متعاقبين ولا نكاح فقولان أظهرهما القول قوله والثاني قولها لتعارض الأصل والظاهر فإن قلنا القول قولها نظر إن قالت أسلمت قبلي حلفت على البت أنها ما أسلمت وقت إسلامه وإن قالت أسلمت قبلك حلفت على نفي العلم بإسلامه يوم إسلامها ولو اختلفا على العكس فقالت أسلمنا معا فقال بل متعاقبين فلا نكاح لاعترافه وهي تدعي نصف المهر وفي المصدق فرع أسلمت بعد الدخول ثم أسلم هو وادعى أن إسلامه سبق انقضاء وادعت العكس فهذا يتصور على أوجه أحدها أن يتفقا على وقت انقضاء العدة كغرة رمضان فادعى إسلامه في شعبان وقالت بل في خامس رمضان فالقول قولها لأن الأصل بقاء كفره والثاني أن يتفقا على وقت إسلامه كغرة رمضان وقال انقضت عدتك في خامس رمضان وقالت بل في شعبان فالقول قوله بيمينه الثالث أن لا يتفقا على شيء واقتصر على أن إسلامي سبق واقتصرت على أن عدتي سبقت فالنص أن القول قوله ونص فيما إذا ارتد ثم أسلم وادعى أنه أسلم في العدة وادعت انقضاءها قبل إسلامه وفيما إذا قال راجعتك في العدة فقالت بل بعدها أن القول قولها وللأصحاب طرق أحدها طرد قولين في المسائل الثلاث هل القول قوله أم قولها والثاني أن النصين على حالين فإن اتفقا على وقت إسلامه أو رجعته واختلفا في انقضاء العدة فالقول قوله وإن اتفقا على وقت انقضاء العدة واختلفا في أنه أسلم أو راجع قبله فالقول قولها والطريق الثالث وهو الأصح وبه قال ابن سريج وأبو إسحاق ورجحه الشيخ أبو حامد والبغوي وغيرهما أن من سبق بالدعوى فالقول قوله وعليه ينزل النص في المسائل الثلاث لأن المدعي أولا مقبول فلا يرد بلجرد قول آخر وزاد البغوي فيما إذا سبق دعواه فقال إن ادعت بعد أن مضى بعد دعواه فرع نص الشافعي رضي الله عنه أن الزوج لو أقام شاهدين على جميعاً أسلما حين طلعت الشمس يوم كذا أو حين غربت قبلت شهادتهما واستمر النكاح وإن شهدا أنهما أسلما مع طلوع الشمس أو مع غروبها لم يحكم بهذه الشهادة لأن حين طلوعها وغروبها يتناول حالة تمام الطلوع أو الغروب وهي حالة واحدة وقوله مع الطلوع يصدق من حين يأخذ في الطلوع فيجوز أن يكون إسلام أحدهما مقارنا لطلوع أول القرص وإسلام الآخر مقارنا بطلوع آخره‏.‏

فرع نكحت في الكفر زوجين ثم أسلموا فإن ترتب النكاحان فهي زوجة الأول فإن مات الأول ثم أسلمت مع الثاني وهم يعتقدون جواز التزويج بزوجين ففي جواز التقرير وجهان قلت ينبغي أن يكون أصحهما التقرير والله أعلم‏.‏

وإن وقع النكاحان معا لم تقر مع واحد منهما سواء اعتقدوا جوازه أم لا وفيما إذا اعتقدوه وجه أن المرأة تختار أحدهما كما لو أسلم على أختين وبالله التوفيق‏.‏

الباب الثامن في مثبتات الخيار في النكاح أسبابه المتفق عليها أربعة العيب والغرور والعتق والتعنين وقولنا المتفق عليها احتراز مما إذا زوج الأب أو الجد بكرا بغير كفء وصححنا النكاح فلها الخيار ولو زوج الصغير من لا تكافئه وصححناه فله الخيار إذا بلغ ولو ظنها مسلمة فكانت كتابية فله الخيار على رأي والتعنين أحد العيوب إلا أنه يختص بأحكام كضرب المدة وغيره فبين الأصحاب في فصل العيوب أنه أحدها وأفردوه بالذكر لاختصاصه بأحكام السبب الأول العيب العيوب المثبتة للخيار ثلاثة أقسام‏:‏ أحدها‏:‏ يشترك فيه الرجال والنساء وهو ثلاثة البرص ولا يلتحق به البهق‏.‏

والثاني‏:‏ الجذام وهو علة صعبة يحمر منها العضو ثم يسود ثم ينقطع ويتناثر نسأل الله الكريم العافية ويتصور ذلك في كل عضو لكنه في الوجه أغلب ثم حكى الإمام عن شيخه أن أوائل البرص والجذام لا يثبت الخيار وإنما يثبت إذا استحكما وإن استحكام الجذام إنما يحصل بالتقطع وتردد الإمام في هذا وقال يجوز أن يكتفى باسوداد العضو وحكم أهل المعرفة باستحكام العلة الثالث الجنون منقطعا كان أو مطبقا ولا يلحق به الإغماء بالمرض إلا أن يزول المرض ويبقى زوال العقل قال الإمام ولم يتعرضوا في الجنون لاستحكامه ولم يراجعوا أهل المعرفة أهو مرجو الزوال أم لا ولو قيل به لكان قريباً ومتى وجد أحد الزوجين بالآخر هذه العيوب فله فسخ النكاح قل ذلك العيب أم كثر ولو تنازعا في قرحة هل هي جذام أو في بياض هل هو برص فالقول قول المنكر وعلى المدعي البينة ويشترط كون الشاهدين عالمين بالطب‏.‏

القسم الثاني مختص به وهو الجب والتعنين الثالث مختص بها وهو الرتق والقرن فالرتق انسداد محل الجماع باللحم والقرن عظم في الفرج يمنع الجماع وقيل لحم ينبت فيه ويقول الفقهاء القرن بفتح الراء وهو في كتب اللغة بإسكانها قلت يجوز الفتح والإسكان فالفتح على المصدر وهو هنا أحسن لأنه أنسب لكون قرائنه مصادر وهي الرتق والبرص ونحوهما وقد أوضحت هذه اللفظة أكمل إيضاح في تهذيب الأسماء واللغات ونقلت أقوال أهل اللغة فيها وحاصله جواز الأمرين وترجيح الفتح والله أعلم‏.‏

وليس للزوج إجبار الرتقاء على شق الموضع فلو فعلت وأمكن الوطء فلا خيار كذا أطلقوه ويمكن أن يجيء فيه الخلاف المذكور فيما إذا علم عيب المبيع بعد زواله فجملة هذه العيوب سبعة يمكن في حق كل واحد من الزوجين خمسة وما سواها من العيوب لا خيار فيه على الصحيح الذي قطع به الجمهور وقال زاهر السرخسي الصنان والبخر إذا لم يقبلا العلاج يثبتان الخيار وقال كذا العذيوط والعذيوطة يثبت به الخيار والعذيوط من يخرج عنه الغائط عند الجماع وزاد القاضي حسين وغيره فأثبتوا الخيار بالإستحاضة وبالعيوب التي تجتمع فتنفر تنفير البرص وتكسر سورة التائق كالقروح السيالة وما في معناه ويقال إن الشيخ أبا عاصم حكاه قولا للشافعي رحمة الله عليه أما إذا وجد أحدهما الآخر خنثى قد زال إشكاله ففي ثبوت الخيار قولان أظهرهما المنع لأنه لا يفوت مقصود النكاح وموضع القولين إذا اختار الذكورة أو الأنوثة بغير علامة لأنه قد يخرج بخلافه فأما إذا اتضح بعلامة فلا خيار هذا هو الأصح‏.‏

وقيل القولان أيضاً فيما إذا اتضح بعلامة مظنونة فإن كان بقطيعة وهي الولادة فلا خيار وقيل القولان مطلقا وإن كانت العلامة قطعية لمعنى النفرة ولا خيار بكونه أو كونها عقيما ولا بكونها مفضاة والإفضاء رفع ما بين مخرج البول ومدخل الذكر‏.‏

 فصل ظهر بكل واحد منهما عيب

مثبت للخيار إذا ظهر بكل واحد منهما عيب مثبت للخيار فإن كانا من فلكل واحد منهما الخيار إلا إذا كان مجبوبا وهي رتقاء فهو كالجنس الواحد كذآ ذكره الحناطي والشيخ أبو حامد والإمام وحكى البغوي طريقا آخر أنه لا فسخ به قطعاً لأنه لا طريق له إلى تحصيل الوطء وإن كانا من جنس ثبت الخيار لكل واحد على الأصح هذا في غير الجنون أما إذا كانا مجنونين فلا يمكن إثبات الخيار لواحد منهما في الحال ثم الوجهان فيما إذا تساوى العيبان في القدر والفحش‏.‏

فرع نكح أحدهما الآخر عالما بعيبه فلا خيار فلو ادعى المعيب علم الآخر صدق المنكر بيمينه وقيل إن كان هذا الإختلاف بعد الدخول صدق مدعي العلم‏.‏

فرع جبت المرأة ذكر زوجها فهل لها الخيار وجهان أحدهما لا كما لو عيب المشتري المبيع قبل القبض وأصحهما نعم كما لو خرب المستأجر الدار المستأجرة فإن له الخيار فإن المرأة بالجب لا تصير قابضة لحقها والمستأجر لا يصير قابضاً لحقه كالتخريب والمشتري بالتعيب قابض حقه‏.‏

 فصل العيب المثبت للخيار

إن كان مقارنا للعقد فلكل واحد الفسخ بعيب صاحبه وإن حدث بعد العقد فإن كان بها فله الفسخ على الجديد الأظهر وإن كان به نظر إن كان قبل الدخول فلها الفسخ وإن كان بعده والعيب جنون أو جذام أو برص فلها الخيار كذا قاله الأصحاب في جميع الطرق وحكى الغزالي فيه وجها لم أره لغيره وإن حدث التعنين فلا خيار لأنها عرفت قدرته وأخذت حظها وإن حدث الجب فلها الفسخ على الأصح ويقال الأظهر‏.‏

بعيب حدث به وأما المقارن فإن كان جباً أو تعنينا فلا خيار لهم على الصحيح وإن كان جنونا فلهم الخيار وإن رضيت هي وكذا إن كان جذاماً أو برصا على الأصح ونقل الحناطي في العيب الحادث وجها أن للأولياء إجبارها على الفسخ وهو شاذ ضعيف وعلى هذا التفصيل يخرج حكم ابتداء التزويج فإن دعت إلى تزويجها بمجبوب أو عنين فعليهم الإجابة على الصحيح فإن امتنعوا كانوا عاضلين وإن دعت إلى مجنون فلهم الإمتناع وكذا المجذوم والأبرص على الأصح‏.‏

 فصل في أحكام هذا الخيار فيه مسائل

إحداها هذا الخيار على الفور كخيار العيب في البيع هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور وقيل قولان آخران كخيار العتق أحدهما يمتد ثلاثة أيام والثاني يبقى إلى أن يوجد صريح الرضى بالمقام معه أو ما يدل عليه حكاهما الشيخ أبو علي وهما ضعيفان وهل ينفرد كل واحد من الزوجين بالفسخ أم لا بد من الرفع إلى الحاكم أما التعنين فلا بد من الرفع وفيما سواه وجهان أصحهما لا بد من الرفع لأنه مجتهد فيه قال البغوي وعلى الوجهين لو أخر إلى أن يأتي إلى الحاكم ويفسخ بحضرته جاز ولو وطئها وظهر بها عيب فقالت وطئت عالما فأنكر أو كان العيب به فقال كنج عالمة فأنكرت فالقول قول المنكر على الصحيح وقال ابن القطان قول الآخر لأن الأصل دوام النكاح الثانية الفسخ بعيب مقارن للعقد إن كان قبل الدخول سقط كل المهر ولا متعة سواء كان العيب فيه أو فيها لأن شأن الفسخ تراد العوضين وإن كان بعد الدخول فثلاثة أوجه الصحيح المنصوص أنه يسقط المسمى ويجب مهر المثل والثاني يجب المسمى والثالث إن فسخ بعيبها فمهر المثل وإن فسخت بعيبه فالمسمى وأما الفسخ بعيب حادث بعد العقد فإن كان قبل الدخول فلا مهر وإن كان بعده فإن أوجبنا في المقارن المسمى فهنا أولى وإلا فأوجه أحدها المسمى والثاني مهر المثل وأصحها إن حدث قبل الدخول ثم دخل بها غير عالم بالحال فمهر المثل كالمقارن وإن حدث بعد الدخول فالمسمى لأنه تقرر بالوطء قبل الخلل‏.‏

فرع إذا اطلع أحد الزوجين على عيب الآخر ومات الآخر قبل الفسخ يفسخ بعد الموت وجهان حكاهما الحناطي أصحهما لا يفسخ ويتقرر المسمى بالموت ولو طلقها قبل الدخول ثم علم عيبها لم يسقط حقها من النصف لأن الفرقة حصلت بالطلاق الثالثة إذا فسخ بعيبها بعد الدخول وغرم المهر فهل يرجع به على من غره قولان الجديد الأظهر لا وموضع القولين إذا كان العيب مقارنا للعقد وأما إذا فسخ بعيب حادث فلا رجوع بالمهر مطلقاً إذ لا غرور وقال المتولي القولان إذا كان المغروم هو مهر المثل أما إذا كان المسمى فلا رجوع والأصح ما ذكره البغوي وهو أنه لا فرق بين المسمى ومهر المثل ثم إذا قلنا بالرجوع فإن كان التغرير والتدليس منها دون الولي فالرجوع عليها دونه وصور المتولي التغرير منها بأن خطب الزوج إليها فلم يتعرض لعيبها وطلبت من الولي تزويجها به وأظهرت له أن الزوج عرف حالها وصورة الشيخ أبو الفرج الزاز فيما إذا عقدت بنفسها وحكم بصحته حاكم ثم لفظ الرجوع الذي استعمله الأصحاب يشعر بالدفع إليها ثم الإسترداد منها لكن ذكر الشيخ أبو حامد والإمام أنه لا معنى للدفع إليها والإسترداد ويعود معنى الرجوع إلى أنه لا يغرم لها وهل يجب لها أقل ما يجوز صداقا لئلا يخلو النكاح عن مهر وجهان ويقال قولان قلت الأصح عند من قال بالرجوع أنه لا يبقى لها شيئاً ويكفي في حرمة النكاح أنه وجب لها ثم استرد بالتغرير والله أعلم‏.‏

وإن كان التغرير من الولي بأن خطب إليه فزوج وهو مجبر أو غيره بإذنها ولم يذكر للخاطب عيبها فإن كان عالما بالعيب رجع عليه بجميع ما غرم وإن كان جاهلا فوجهان لأنه غير مقتصر لكن ضمان المال لا يسقط بالجهل فإن قلنا لا رجوع إذا جهل فذلك إذا لم يكن محرما كابن عم ومعتق وقاض وحينئذ يكون الرجوع على المرأة فأما المحرم فلا يخفى عليه الحال غالبا وإن خفي فلتقصيره فيرجع عليه مع الجهل على الصحيح فإذا قلنا لا رجوع على الجاهل فعلى الزوج إثبات العلم ببينة على إقرار الولي بالعلم وإن غره أولياء الزوجة فالرجوع عليهم فإن جهل بعضهم وقلنا لا رجوع على الجاهل رجع على من علم ولو وجد التغرير منها ومن الولي فهل يكون الرجوع عليها فقط لقوة جانبها أم عليهما نصفين فيه وجهان وإن غرت الولي وغر الولي الزوج رجع الزوج على الولي والولي عليها ولم يتعرضوا لما إذا كانت جاهلة بعيبها ولا يبعد مجيء الخلاف فيه قلت لا مجيء له لتقصيرها الظاهر لا سيما وقد قطع الجمهور بأن الولي المحرم لا يعذر بجهله لتقصيره والله أعلم‏.‏

الرابعة المفسوخ نكاحها بعد الدخول لا نفقة لها في العدة ولا سكنى إذا كانت حائلا بلا خلاف وإن كانت حاملا فإن قلنا نفقة المطلقة الحامل للحمل وجبت هنا وإن قلنا بالأظهر إنها للحال لم تجب وأما السكنى لا تجب على المذهب وبه قطع الجمهور وقيل بطرد القولين وقال ابن سلمة إن كان الفسخ بعيب حادث وجبت وإلا فلا وإذا لم نوجب السكنى فأراد أن يسكنها حفظا لمائه فله ذلك وعليها الموافقة قاله أبو الفرج السرخسي‏.‏

فروع تتعلق بهذا السبب رضي أحد الزوجين بعيب صاحبه فحدث إسمعيل به العيب عيب آخر ثبت الخيار بالعيب الحادث على الصحيح وإن ازداد الأول فلا خيار على الصحيح لأن رضاه بالأول رضى إسمعيلا يتولد منه ولو فسخ بعيب فبان أن لا عيب فهل يحكم ببطلان الفسخ وباستمرار النكاح وجهان حكاهما الحناطي قلت الصحيح بطلان الفسخ لأنه بغير حق و الله أعلم‏.‏

ولو قال علمت عيب صاحبي ولم أعلم أن العيب يثبت الخيار فقولان كنظيره في عتقها تحت عبد وقيل لا خيار هنا قطعاً لأن الخيار بالعيب مشهور في جنس العقود السبب الثاني الغرور بالإشتراط فإذا شرط في العقد إسلام المنكوحة فبانت ذمية أو شرط نسب أو حرية في أحد الزوجين فبان خلافه فهل يصح النكاح أم يبطل قولان أظهرهما الصحة والقولان فيما إذا اشترطت حريته فبان عبدا هما إذا نكح بإذن السيد وإلا فلا يصح قطعاً وفيما إذا شرط حريتها فبانت أمة هما إذا نكحت بإذن السيد وكان الزوج ممن يحل له الإماء وإلا فلا يصح قطعاً ويجري القولان في كل وصف شرط فبان خلافه سواء كان المشروط صفة كمال كالجمال والنسب والشباب واليسار والبكارة أو صفة نقص كأضدادها أو كان مما لا يتعلق به نقص ولا كمال هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور وفي شرح مختصر الجويني أنهما إنما يجريان في النسب والحرية وما يتعلق بالكفاءة فإذا قلنا ببطلان النكاح فرق بينهما ولا شيء على الزوج إن لم يدخل بها وإن دخل فلا حد للشبهة وعليه مهر المثل ولا سكنى لها في العدة وكذا لا نفقة إن كانت حائلاً فإن كانت حاملاً فعلى القولين في أن النفقة للحمل أو للحامل إن قلنا للحمل وجبت وإلا فلا وإذا قلنا بصحة النكاح فإن بان الموصوف خيرا مما شرط فلا خيار وإن بان دونه فقد أطلق الغزالي في ثبوت الخيار قولين وأما سائر الأصحاب فقالوا إن شرط في الزوج نسب شريف فبان خلافه نظر إن كان نسبه دون نسبها فلها الخيار وإن رضيت هي فلأوليائها الخيار وإن كان نسبه كنسبها أو فوقه إلا أنه دون المشروط فلا خيار لها على الأظهر وقيل لا خيار قطعاً ولا خيار للأولياء لأن الكفاءة حاصلة والشرط لا يؤثر في حقهم وإن شرط في الزوجة نسب فبان خلافه فطريقان أصحهما أنه كهي فيثبت له الخيار إن كانت دون نسبه وإلا ففيه القولان والطريق الثاني لا خيار له قطعاً لقدرته على الطلاق وعدم العار عليه وإن شرطت حريته فخرج عبدا فإن كانت حرة فلها ولوليها الخيار وإن كانت أمة ففي ثبوت الخيار وجهان‏.‏

وقيل يثبت قطعاً‏.‏

قال الإمام والمتولي وإذا أثبتناه فهو للسيد دون الأمة فإن له أن يجبرها على نكاح عبد بخلاف ما إذا خرج الزوج معيبا فإن الخيار لها لأنه ليس للسيد إجبارها على نكاح معيب بأحد هذه العيوب وإن شرط الزوج حرية الزوجة فخرجت أمة فإن كان الزوج حرا فله الخيار على المذهب وإن كان عبدا فلا خيار على المذهب وإن كان المشروط صفة أخرى فإن شرطت في الزوج فبان دون المشروط فلها الخيار وإن شرطت فيها ففي ثبوت الخيار له قولان لتمكنه من الطلاق قلت الأظهر ثبوته والله أعلم‏.‏

فرع في فتاوى البغوي تزوجها بشرط البكارة فوجدت ثيبا فقالت كنت بكراً لدفع الفسخ ولو قالت كنت بكرا فافتضني فأنكر فالقول قولها بيمينها لدفع الفسخ وقوله بيمينه لدفع كمال المهر‏.‏

 فصل إذا ظنت زيداً كفئا لها

وأذنت في تزويجها إياه فبان غير فلا خيار لها كذا أطلق الغزالي وينبغي أن يفصل فيقال إن كان فوات الكفاءة لدناءة نسبه أو حرفته أو فسقه فلا خيار وإن كان لعيبه فيثبت الخيار وإن كان لرقه فليكن الحكم كما سنذكره إن شاء الله تعالى متصلا بهذا فيمن نكحها ظانا حريتها فبانت أمة بل جانب المرأة أولى بإثبات الخيار قلت هذا الذي ذكره الغزالي ضعيف وفي فتاوى صاحب الشامل لو تزوجت حرة برجل نكاحا مطلقا فبان عبدا فلها الخيار وذكر غيره نحو هذا والمختار ثبوت الخيار بالجميع وقد أنكروا على الغزالي هذه المسألة وقد ذكر الرافعي بعد هذا قبيل ذكر كتاب الصداق عن فتاوى القاضي حسين أنها لو أذنت في تزويجها برجل ولم تعلم فسقه فبان فاسقا صح النكاح لوجود الإشارة إلى عينه قال البغوي لكن لها حق الفسخ كما لو أذنت في تزويجها رجلا ثم وجدته معيبا وعجب من الإمام الرافعي كيف قال هنا ما قال مع نقله هذا عن البغوي والله أعلم‏.‏

فرع نكح إمرأة يظنها مسلمة فخرجت كتابية فالنص أن له الخيار ولو ظنها حرة فخرجت أمة وهو ممن يحل له نكاح الأمة فالنص أنه لا خيار وللأصحاب طريقان أحدهما العمل بظاهر النصين ولتقصير ولي الكافرة بترك العلامة ولأن الكفر منفر وأصحهما جعل الصورتين على قولين أظهرهما لا خيار فيهما كما لو اشترى عبدا يظنه كاتبا فأخلف ظنه‏.‏

 فصل الخلف في الشرط

إذا قلنا لا يفسد العقد وأنه يثبت الخيار له الخيار إن أجاز العقد كان للزوجة المهر المسمى وإن فسخ فإن كان قبل الدخول لم يجب نصف المهر ولا المتعة وإن كان بعد الدخول فهل يجب مهر المثل أم المسمى أم أقلهما فيه أوجه الصحيح المنصوص الأول وهل يرجع الزوج إسمعيل غرمه من المهر على من غره فيه التفصيل والخلاف السابقان في خيار العيب وحكم النفقة والسكنى على ما تقدم‏.‏

قال الأصحاب التغرير المؤثر هو الذي يكون مقرونا بالعقد على سبيل الشرط فلو سبق العقد فالصحيح أنه لا يؤثر في صحة العقد ولا في الخيار وقيل يؤثر فيهما وأما الرجوع بالمهر إذا قضينا بالرجوع على الغار فقال الغزالي التغرير السابق كالمقارن وحققه الإمام فقال لا يشترط في حصول التغرير دخول الشرط بين الإيجاب والقبول ولا صدوره من العاقد لكن يشترط اتصاله بالعقد فلو قال فلانة حرة في معرض الترغيب في النكاح ثم زوجها على الإتصال بوكالة أو ولاية فهو تغرير ولو لم يقصد بقوله تحريض سامع واتفق بعد أيام أنه زوجها لمن سمع كلامه فليس ما جرى تغريرا وإن ذكره لا في معرض التحريض وجرى العقد على الإتصال أو ذكره في معرض التحريض وجرى العقد بعد زمان فاصل ففي كونه تغريرا تردد ويشبه أن لا يعتبر الإتصال بالعقد على ما أطلقه الغزالي لأن تعلق الضمان أوسع باباً‏.‏

 فصل إذا غر بحرية أمة

وصححنا النكاح فأولاده الحاصلون منها قبل العلم وسواء كان المغرور حرا أو عبدا لاستوائهما في الظن ثم على المغرور قيمة الأولاد لسيد الأمة على المشهور لأنه فوت رقهم بظنه وفي قول حكاه الحناطي لا شيء عليه لأنه معذور فعلى المشهور إن كان المغرور حرا فالقيمة مستقرة في ذمته وإن كان عبدا فهل تتعلق بذمته أم برقبته أم بكسبه فيه أقوال أظهرها الأول وتعتبر قيمة الأولاد يوم الولادة‏.‏

وأما الأولاد الحاصلون بعد علمه برقها فهم أرقاء سواء كان المغرور عربيا أو غيره و للشافعي قول أن العرب لا يجري عليهم الرق والمشهور أن لا فرق ثم في الفصل مسائل‏.‏

إحداها في الرجوع بالمهر المغروم على الغار قولان كما سبق في العيب وأما قيمة الأولاد فيرجع بها على الغار على المذهب وقيل فيه القولان وإذا قلنا بالرجوع فإنما يرجع إذا غرم كالضامن فقد سبق في الضامن وجه ضعيف أنه يرجع قبل غرمه فيجيء مثله هنا والصحيح المنع فعلى هذا لو كان المغرور عبدا وعلقنا القيمة بذمته فإنما يرجع على الغار بعد عتقه لأنه حينئذ يغرم أما إذا علقناها بكسبه أو إسمعيل وغرم سيده من كسبه أو من رقبته فيرجع في الحال وللمغرور مطالبة الغار بتحصيله كما ذكرنا في باب الضمان‏.‏

المسألة الثانية إذا كان المغرور عبدا وقد دخل بالمنكوحة فحيث يجب المسمى يتعلق كسبه وحيث يجب مهر المثل فهل يتعلق بذمته أم برقبته أم بكسبه فيه ثلاثة أقوال أظهرها الأول‏.‏

المسألة الثالثة لا يتصور الغرور بحرية الأمة من السيد لأنه متى قال زوجتك هذه الحرة أو على أنها حرة عتقت وإنما يتصور من وكيل السيد في تزويجها أو منها أو منهما ولا اعتبار بقول من ليس بعاقد ولا معقود عليه فإن كان الغرور من الوكيل رجع المغرور عليه بالقيمة إذا غرمها وبالمهر إن أثبتنا الرجوع به وإن كان الغرور من الأمة المنكوحة كان الرجوع عليها لكن لا يرجع في الحال بل يتعلق الغرم بذمتها تطالب به إذا عتقت ولا يتعلق بكسبها قطعاً ولا برقبتها على الصحيح وسواء كان الرجوع عليها أو على الوكيل يرجع بكل المهر لأن المهر للسيد وقد أخذه وإن كان الغرور منها ومن الوكيل فالرجوع عليهما وفي كيفيته وجهان‏:‏ أصحهما يرجع بالنصف على الوكيل في الحال وبالنصف عليها إذا عتقت والثاني أنه له أن يرجع بالجميع على من شاء منهما على الوكيل في الحال وعليها بعد العتق فإن رجع هكذا قال البغوي يرجع المأخوذ منه بالنصف على الآخر وقال الحناطي وغيره لا يرجع واحد منهما على الآخر لأن التغرير كامل من كل واحد منهما ولو ذكرت للوكيل حريتها ثم ذكرها الوكيل للزوج رجع المغرور على الوكيل والوكيل عليها بعد العتق وإن ذكرت للوكيل ثم ذكرت للزوج فالرجوع عليها وإن ذكر الوكيل للزوج أيضاً لأنها لما شافهت الزوج خرج الوكيل من الوسط هكذا ذكره البغوي وعلى هذا فصرة تغريرهما أن يذكرا معا‏.‏

المسألة الرابعة لو خرجت التي غر بحريتها مدبرة أو مكاتبة أو أم ولد أو معلقة بصفة فالكلام في صحة النكاح ثم في إثبات الخيار كما سبق إذا كانت قنة لكن إذا خرجت مكاتبة وفسخ النكاح وهل يجب أقل ما يجوز أن يكون مهرا فيه الخلاف السابق في العيب والأولاد الحاصلون قبل علمه بالحال أحرار وعلى المغرور قيمتهم ولمن تكون القيمة يبنى على أن ولد المكاتبة قن للسيد أم مكاتب كالأم وفيه قولان وإذا قلنا إنه مكاتب فقتله قاتل فهل قيمته للسيد أم للمكاتبة تستعين به في الأداء فيه قولان فإذا قلنا الولد للسيد أو قلنا هو مكاتب وإذا قتل فالقيمة للسيد غرم المغرور قيمة الأولاد للسيد ويرجع بها على الوكيل وعليها إن غرت ويأخذ من كسبها فإن لم يكن كسب ففي ذمتها إلى أن تعتق وإن قلنا إن القيمة لها فإن كان الغرور منها لم يغرم القيمة لها كالمهر وإن كان من الوكيل غرم لها ورجع على الوكيل‏.‏

فرع الحكم ببطلان النكاح إذا حكمنا ببطلان النكاح بخلف الشرط فالرجوع بمهر المثل إذا غرمه تفريعا على صحة النكاح‏.‏

فرع ما ذكرناه من وجوب قيمة الولد هو فيما إذا انفصل الجنين فلو انفصل ميتا نظر إن انفصل بغير جناية فلا شيء عليه ويجيء فيه وجه سبق نظيره في وطء الغاصب جاهلا بالتحريم وإن انفصل بجناية بأن ضرب بطنها فأجهضت فله أحوال‏.‏

وقيل لا يغرمه إذ لا قيمة للميت والصحيح الأول وضمانه عشر قيمة الأم لأن الجنين الرقيق يغرم بهذا القدر‏.‏

فإن كانت قيمة الغرة مثل عشر قيمة الأم أو أكثر فالمستحق للسيد عشر القيمة وإن كان العشر أكثر فوجهان أصحهما يستحق العشر وهو اختيار القاضي حسين والإمام وغيرهما ونسبه البغوي إلى العراقيين لأنه قدر ما فوته والثاني ليس له إلا قدر الغرة ويعبر عن هذا بأن الواجب أقل الأمرين فعلى الأول لا يتوقف تغريمه على حصول الغرة له وعلى الثاني يتوقف وينظر إلى ما يحصل له من الغرة فإن كان يجوز ميراث الجنين فذاك وإلا فيغرم أقل الأمرين من حصته من الغرة والعشر ولا يتصور أن يرث مع الأب المغرور إلا الجدة أم الأم ولا تسقط بالأم لأنها رقيقة‏.‏

الثاني أن يكون الجاني هو المغرور فعلى عاقلته الغرة ويلزم المغرور عشر قيمة الأم إن قلنا في الحال الأول بالأصح أنه يستحق العشر وتسلم الغرة للورثة وإن قلنا بأقل الأمرين تعلق حق السيد بالغرة فيؤدي منها وما فضل يكون للورثة وعلى التقديرين لا يرث المغرور منها شيئاً لأنه قاتل ولا يحجب من بعده من العصبات‏.‏

فإن كان المغرور عبدا تعلقت الغرة برقبته ثم إن اعتبرنا الغرة ولم نوجب زيادة عليها فإذا حصلت الغرة صرف إلى السيد منها عشر قيمة الأم فإن فضل شيء فهو للورثة وإن اعتبرنا الثالث أن يكون الجاني عبد المغرور فإن اعتبرنا التفويت فحق سيد الأمة على المغرور ولا تتعلق الغرة برقبته إن كان المغرور حائز ميراث الجنين لأنه لا يستحق على عبده شيئاً وإن كان معه جدة الجنين تعلق نصيبها برقبته وإن اعتبرنا أقل الأمرين تعلقت الغرة برقبته ليؤدي منها حق السيد فإن فضل منها شيء فعلى ما ذكرنا‏.‏

الرابع أن يكون الجاني سيد الأمة فعلى عاقلته الغرة ثم إن اعتبرنا التفويت سلمت الغرة للورثة وغرم المغرور للسيد عشر قيمة الأم قال الإمام ويجوز أن يقال انفصاله بجناية السيد كانفصاله بلا جناية فلا يغرم المغرور شيئاً وإن اعتبرنا أقل الأمرين فإذا حصلت الغرة صرف منها العشر إلى السيد فإن فضل شيء فهو للورثة قال الإمام إذا كانت الغرة قدر العشر أو أقل وصرفناها إلى السيد كان الحاصل إيجاب المال على عاقلة الجاني للجاني وهو مستبعد‏.‏

فرع خيار الخلف هل هو على الفور فيه طريقان حكاهما ابن كج المذهب نعم كخيار العيب والثاني على أقوال خيار العتق قال البغوي وإذا أثبتنا الفسخ انفرد به من له الخيار ولا يفتقر إلى الحاكم كخيار عيب المبيع ولكن هذا مختلف فيه فليكن كخيار عيب النكاح‏.‏

السبب الثالث العتق فإذا عتقت أمة تحت حر فلا خيار لها وإن عتقت تحت عبد فلها الخيار ولو دبرت أو كوتبت أو علق عتقها بصفة فلا خيار ولو عتقت تحت مكاتب أو مدبر أو من بعضه رقيق فلها الخيار ولو عتق الزوج وتحته أمة فلا خيار له على الصحيح أو المشهور ولو عتقا معا فلا خيار ويثبت خيار العتق للصبية والمجنونة عند البلوغ والإفاقة ولا يقوم الولي مقامهما في الفسخ والإجازة ولو عتق الزوج قبل أن تفسخ العتيقة بطل خيارها على الأظهر المنصوص في المختصر‏.‏

فروع الفرع الأول طلقها رجعيا فعتقت في العدة فلها الفسخ ليقطع سلطنة الرجعة وقيل الفسخ موقوف إن راجعها نفذ وإلا فلا والصحيح الأول وإذا فسخت هل تستأنف عدة أم تكفي بقية العدة قولان كما لو طلق الرجعية وإذا قلنا بالبناء فتكمل عدة حر أو أمة فيه خلاف موضعه كتاب العدد ولو أخرت الفسخ فلها ذلك ولا يبطل لها ولو أجازت لم تنفذ الإجازة لأنها محرمة جارية إلى بينونة فالإجازة لا تلائم حالها قال الإمام ولم يخرجوه على وقف العقود لأن شرط الوقف أن يكون مورد العقد قابلا لمقصود العقد وحكي عن الشيخ أبي محمد حكاية وجه في نفوذ إجازتها ونقل الغزالي عن بعضهم تخريجا على وقف العقود فإن راجعها نفذت وإلا فلا ولو ثبت لها العتق فطلقها قبل أن تفسخ فإن كان طلاقا رجعيا بقي حقها في الفسخ والحكم كما لو أعتقت في العدة وإن كان بائنا فقولان أحدهما أن الطلاق موقوف وإن فسخت بان أنه لم يقع وإلا بان وقوعه وهذا نصه في الأم وأظهرهما يقع وهو نصه في الإملاء لمصادفته النكاح ويبطل ومنهم من أنكر القول الأول ولو طلق الزوج المعيب قبل فسخها ففي وقوع الطلاق ووقفه هذا الخلاف‏.‏

الفرع الثاني إذا فسخت العتيقة قبل الدخول فلا مهر وليس للسيد منعها من الفسخ وإن فسخت بعد الدخول نظر إن تقدم الدخول على العتق وجب المسمى وإن تأخر عنه وكانت جاهلة بالحال وجب مهر المثل على المذهب وقيل المسمى وقيل خلاف فيهما وأيهما أوجبناه فهو للسيد وكذا لو اختارت المقام معه وجرى في العقد تسمية صحيحة أو فاسدة فالمهر للسيد لأنه وجب بالعقد وإن زوجها مفوضة فإن دخل بها الزوج أو فرض لها قبل العتق فهو للسيد أيضاً وإن عتقت ثم دخل بها أو فرض لها فهل المهر للسيد أم لها قولان بناء على أن مهر المفوضة يجب بالعقد أم بالفرض أو الدخول‏.‏

الفرع الثالث خيار العتق على الفور على الأظهر وفي قول يمتد ثلاثة أيام وفي قول إلى أن يصرح بإسقاطه أو تمكن من الوطء طائعة وفي وجه تتقدر بالمجلس فإن قلنا بالفور فهو كما ذكرنا في الرد بالعيب في البيع وفي الشفعة قال الإمام تفريعاً على القول الثاني ابتداء الأيام الثلاثة من وقت وذكر تفريعا على القوق الثالث أنها لو مكنت ولم يصبها الزوج لم يبطل حقها لأن التمكين من الوطء لا يتحقق إلا عند حصول الوطء وأنه لو أصابها الزوج قهرا ففي سقوط الخيار تردد لتمكنها من الفسخ عند الوطء فإن كان قبض على فمها بقي حقها قطعاً وعلى هذا القول لو قال أصبتها فأنكرت فأيهما يصدق وجهان حكاهما ابن كج لأن الأصل بقاء النكاح وعدم الإصابة‏.‏

وإذا اعتبرنا الفور فتمكنت ولم تفسخ أو مضت الأيام الثلاثة أو مكنت من الوطء إذا اعتبرنا ذلك ثم ادعت الجهل بالعتق صدقت بيمينها إن لم يكذبها ظاهر الحال فإن كذبها بأن كانت معه في بيته ويبعد خفاء العتق عليها فالمصدق الزوج هذا هو المذهب وقيل في المصدق قولان مطلقاً فإن ادعت الجهل بأن العتق يثبت الخيار صدقت على الأظهر ولو ادعت الجهل بأن الخيار على الفور قال الغزالي لا تعذر ولم أر المسألة لغيره من الأصحاب ولكن ذكرها العبادي في الرقم وقال إن كانت قديمة العهد بالإسلام وخالطت أهله لم تعذر وإن كانت حديثة العهد به أو لم تخالط أهله فقولان‏.‏

فرع هذا الفسخ لا يحتاج إلى مراجعة الحاكم ولا إلى المرافعة إليه لأنه ثابت بالنص والإجماع كالرد بالعيب والشفعة قلت وللزوج وطء العتيقة ما لم تفسخ وكذا لزوج الصغيرة والمجنونة العتيقين وطؤهما ما لم تفسخا بعد البلوغ والإفاقة والله أعلم‏.‏

السبب الرابع التعنين فالتعنين مثبت للخيار وكذا الجب إن لم يبق ما يمكن الجماع به كأن لا يبقى قدر الحشفة فإن بقي دون قدر الحشفة أو بقي قدرها فأكثر فلا خيار بسبب الجب على المذهب وعن ابن سلمة أنه خرجه على قولين كالخصي فعلى المذهب لو عجز عن الجماع به فهو كالسليم العاجز فتضرب له المدة وعن الشيخ أبي حامد ثبوت الخيار في الحال لأن العيب متحقق والظاهر دوام العجز وفي معناه المرض المزمن الذي لا يتوقع زواله ولا يمكن الجماع معه كذا ذكره الشيخ أبو محمد وغيره ولو وجدت زوجها خصيا موجوء الخصيتين أو مسلولهما فلا خيار على الأظهر الجديد وقيل لا خيار قطعاً‏.‏

فرع العنة الطارئة لا تؤثر لأن القدرة تحققت بالوطء فالعجز بعارض ولو كان له إمرأتان فعن عن إحداهما دون الأخرى ثبت الخيار للتي عن عنها لفوات الإستمتاع قال الأصحاب وقد يتفق ذلك لانحباس الشهوة عن إمرأة معينة بسبب نفرة أو حياء ويقدر على غيرها لميل أو أنس فأما العجز المحقق لضعف في الدماغ أو القلب أو الكبد أو لخلل في نفس الآلة فإنه لا يختلف بالنسوة وكذلك قد يفرض العجز عن القبل والقدرة على الدبر فيثبت الخيار على الصحيح وحكى الحناطي فيه وجها بعيدا ولو عجز عن افتراع بكر وقدر على ثيب فللبكر الخيار‏.‏

فصل إذا اعترفت بقدرته على الوطء وقالت إنه يمتنع منه فلا خيار لها وهل لها مطالبته بوطأة واحدة وهل يجبر هو عليها وجهان أصحهما لا لأنه حقه فلا يجبر عليه كسائر الوطآت والثاني نعم لمعنيين أحدهما استقرار المهر والثاني حصول الإستمتاع للتعفف فإن قلنا تجب الوطأة فكانت أمة فالطلب للسيد على المعنى الأول ولها على الثاني ولو أبرأت الحرة عن مهرها فلا مطالبة على المعنى الأول وتطالب على الثاني ولا يرهق إلى الوطء بل يمهل ليستعد له على العادة ولو كان به مرض أو عذر أمهل إلى زواله وإن أصر على الإمتناع بلا عذر حبس قال الإمام ولا يبعد أن يخرج من الإيلاء أن يطلق القاضي عليه لكن لم يخرجوه‏.‏

فرع تسقط مطالبة العنين بالفسخ وغير العنين إذا أوجبنا وطأه بتغييب الحشفة فإن أحكام الوطء كلها منوطة به كالتحليل والتحصين والحدود والكفارة والغسل وفساد العبادة وثبوت المصاهرة وغيرها قال الإمام وسببه بعد الإتباع أن الحشفة هي التي تحس تلك اللذة قال ويعني بتغيبها أن يشتمل الشفران وملتقاهما عليها أما لو انقلب الشفران إلى الباطن وكانت الحشفة تلاقي ما انعكس من البشرة الظاهرة ففيه تردد لأنها حصلت في حيز الباطن وذكر البغوي أن أقل ما يزول به حكم التعنين إن كانت بكرا أن يقتضها بآلة الإقتضاض وإن كانت ثيبا فإن تغيب الحشفة وهذا يدل على الإقتضاض لا يحصل بتغيب الحشفة ولوجب بعض ذكره فغيب من الباقي قدر الحشفة فهو كتغيب الحشفة من السليم وقيل يعتبر تغيب جميع الباقي وهو ظاهر نصه في المختصر ورجحه بعضهم والأول أصح وظاهر النص مؤول‏.‏

 فصل وجدته عنينا فرفعته إلى القاضي

وادعت عنته فإن أقر بها أو بينةعلى إقراره بها ثبتت وإن أنكر حلف فإن حلف لم يطالب بتحقيق ما قاله بالوطء وامتنع الفسخ ويعود ما سبق أنه هل يطالب بوطأة واحدة وإن نكل فثلاثة أوجه أصحها ترد اليمين عليها ولها أن تحلف إذا بان لها عنته بقرائن الأحوال وطول الممارسة والثاني يقضى عليه بالنكول وتضرب المدة بغير يمين والثالث لا ترد عليها ولا يقضى بنكوله وحكى أبو الفرج وجها أن تحليف الزوج لا يشرع أصلا بناء على أن اليمين لا ترد عليها وهو ضعيف ثم ثبوت العنة لا يفيد الخيار في الحال لكن القاضي يضرب للزوج مدة سنة يمهله فيها وابتداؤها من وقت ضرب القاضي لا من وقت إقراره لأنه مختلف فيه وإنما تضرب المدة إذا طلبت المرأة لكن لو سكتت وحمل القاضي سكوتها على دهشة أو جهل فلا بأس بتنبيهها ثم قولها أنا طالبة حقي على موجب الشرع كاف في ضرب المدة وإن جهلت تفصيل الحكم وسواء في المدة الحر والعبد فإذا تمت السنة ولم يصبها لم ينفسخ النكاح وليس لها فسخه بل ترفعه ثانيا إلى القاضي وعن الإصطخري أن لها الفسخ بعد المدة والصحيح الأول وإذا رفعته إليه فإن ادعى الإصابة في المدة حلف فإن نكل ردت اليمين على المرأة وفيه الخلاف السابق وإذا حلفت أو أقر أنه لم يصبها في المدة فقد جاء وقت الفسخ فإن استمهل ثلاثا فهل يمهل فيه الخلاف المذكور في الإيلاء وفي استقلالها بالفسخ وجهان أصحهما الإستقلال كما يستقل بالفسخ من وجد بالمبيع تغيرا وأنكر البائع كونه عيبا وأقام المشتري بينة عند القاضي والثاني أن الفسخ إلى القاضي لأنه محل نظر واجتهاد أو يأمرها بالفسخ وهذان الوجهان في الإستقلال بعد المرافعة والوجهان السابقان في فصل العيوب مفروضان في الإستقلال دون المرافعة وإذا قلنا لها الفسخ بنفسها فهل يكفي لنفوذ الفسخ إقرار الزوج أم لا بد من قول القاضي ثبتت العنة أو ثبت حق الفسخ فاختاري فيه وجهان أصحهما الثاني ولو قالت اخترت الفسخ ولم يقل القاضي نفذته ثم رجعت هل يصح الرجوع ويبطل الفسخ وجهان في مجموع ابن القطان أصحهما المنع ويشبه أن يكون هذا الخلاف مفرعا على استقلالها بالفسخ أما إذا فسخت بإذن فإن الإذن السابق كالتنفيذ‏.‏

فرع إنما تحسب المدة إذا لم تعتزل عنه فإن اعتزلت أو مرضت لم تحسب ولو سافرت حبست على الأصح لئلا يدافع المطالبة بذلك وإذا عرض ما يمنع الإحتساب في أثناء السنة وزال فالقياس أن يستأنف السنة أو ينتظر مضي مثل ذلك الفصل في السنة الأخرى‏.‏

فرع الفسخ بالعنة بعد ثبوتها كالفسخ بسائر العيوب والمذهب أنه على الفور ويجيء فيه الخلاف السابق هناك وإذا رضيت بالمقام معه بعد مضي المدة يسقط حقها من الفسخ ولا رجوع لها إليه فإن فسخت في أثناء المدة لم تنفذ وإن أجازت ورضيت بالمقام معه في المدة أو قبل ضرب المدة فالأظهر أنه لغو ويثبت لها الخيار بعد المدة وإن رضيت بعد المدة ثم طلقها رجعيا ثم راجعها لم يعد حق الفسخ لأنها رضيت بعنته في هذا النكاح ويتصور الطلاق الرجعي بغير وطء يزيل العنة بأن يستدخل ماءه أو يطأها في الدبر فتجب العدة وحكم العنة باق ولو بانت بانقضاء العدة أو كان الطلاق بائنا أو فسخت النكاح ثم تزوجها ثانيا ففي تجدد حق الفسخ قولان أظهرهما التجدد لأنه نكاح جديد وتضرب المدة ثانياً ولو نكح إمرأة ابتداء وأعلمها أنه عنين فقال صاحب الشامل وغيره هو على القولين وذكر البغوي فيما إذا نكح إمرأة ابتداء وهي تعلم أنه حكم بعنته في حق إمرأة أخرى طريقين أحدهما على القولين والثاني القطع بالثبوت لأنه قد يعجز عن إمرأة دون أخرى ولو نكح إمرأة أو أصابها ثم أبانها ثم نكحها وعن عنها فلها الخيار قطعاً لأنها نكحته غير عالمة بعنته‏.‏

فرع إذا ادعت إمرأة الصبي والمجنون العنة لم تسمع دعواها ولم تضرب مدة لأن المدة والفسخ يعتمدان إقرار الزوج أو يمينها بعد نكوله وقولهما ساقط ونقل المزني أنه إن لم يجامعها الصبي أجل ولم يثبته عامة الأصحاب قولا وقالوا غلط المزني وإنما قال الشافعي في الأم والقديم إن لم يجامعها الخصي أجل وهذا المذكور في الخصي تفريع على أنه لا خيار بالإخصاء أو رضيت به ووجدته مع الأخصاء عنينا وإلا فالخيار في الخصي لا تأجيل فيه كالجب وحكى الحناطي وجها أن المراهق الذي يتأتى منه الجماع تسمع دعوى التعنين عليه وتضرب له المدة وبه قال المزني وهو ضعيف‏.‏

فرع جن الزوج في أثناء السنة ومضت السنة وهو مجنون فطلبت لم تجب إليها لأنه لا يصح إقراره‏.‏

فوجهان أحدهما وبه قال ابن القطان وغيره لها ذلك ولها أن تعود إلى الفسخ متى شاءت كما إذا أمهل بعد حلول الأجل لا يلزم الإمهال والصحيح بطلان حقها بهذا الإمهال لأنه على الفور‏.‏

فرع إذا فسخت بالعنة فلا مهر على المشهور لأنه فسخ قبل الدخول وفي قول يجب نصف المهر وفي قول كله حكاهما صاحب التقريب عن حكجية الإصطخري‏.‏

 فصل قال الأصحاب إذا اختلف الزوجان في الوطء

فالقول قول نافيه عملا بأصل العدم إلا في ثلاثة مواضع إحداها إذا ادعت عنته فقال أصبتها فالقول قوله بيمينه سواء كان ذلك قبل المدة أم بعدها وسواء كان خصيا أو مقطوع بعض الذكر إذا كان الباقي بحيث يمكن الجماع به أو ادعت عجزه وقيل في الخصي والمقطوع فالقول قولها بيمينها لأن ذلك يقوي جانبها والصحيح الأول ولو اختلفا في القدر الباقي هل يمكن الجماع به قال الأكثرون فالقول قولها وقال صاحب الشامل ينبغي أن يرى أهل الخبرة ليعرفوا قدره ويخبروا عن الحال كما لو ادعت أنه مجبوب فأنكر قال المتولي وهذا هو الأصح ولو ادعت عجزه بعد مضي السنة وادعى أنها فإذا حلف ضرب القاضي المدة ثانيا وأسكنهما في جوار قوم ثقات يتفقدون حالهما فإذا مضت المدة اعتمد القاضي قول الثقات وجرى عليه كذا ذكره المتولي الثاني إذا طالبته في الإيلاء بالفيأة والطلاق فقال وطئتها فالقول قوله استدامة للنكاح ولو قالت في هذين الموضعين أنا بكر فوجهان أحدهما وهو ظاهر النص إن شهد أربع نسوة ببكارتها حكم بعدم الإصابة من غير تحليفها فلو قال بعد شهادتهن أصبتها ولم أبالغ فعادت البكارة وطلب يمينها سمعت دعواه وحلفت وإن لم يدع شيئاً لم تحلف والثاني وبه قال أبو علي في الإفصاح وابن القطان وابن كج والإمام والغزالي وغيرهم تحلف الزوجة مع البينة على قيام البكارة لأن البكارة وإن كانت موجودة فاحتمال الزوال والعود قائم وإن لم يدع الزوج فلا بد من الإحتياط ثم إذا حلفت بعد دعواه أو دونها حلفت على أنه لم يصبها أو على أن بكارتها هي البكارة الأصلية ولها حق الفسخ بعد يمينها وإن نكلت حلف الزوج وبطل الخيار وإن نكل الزوج أيضاً فوجهان أصحهما لها الفسخ ويكون نكوله كحلفها لأن الظاهر أن بكارتها هي الأصلية والثاني المنع لأن ما قاله محتمل والأصل دوام النكاح الموضع الثالث قالت طلقني بعد الدخول فلي كل المهر فقال بل قبله فلك النصف فالقول قوله للأصل وعليها العدة مؤاخذة بقولها ولا نفقة ولا سكنى وللزوج نكاح بنتها وأختها وأربعا سواها في الحال فلو أتت بولد لزمن محتمل ثبت النسب وتقوى به جانبها فيرجع إلى تصديقها وتطالب الزوج بالنصف الثاني ولا بد من يمينها على ما ذكره الإمام والعبادي لأن ثبوت النسب لا يورث يقين الوطىء ويمكن أن يجيء فيه الخلاف المذكور فيما إذا ظهرت البكارة وهذه الصورة هي محل الإستثناء من تصديق النافي فإن لاعن الزوج ونفى الولد فقد زال المرجح فتعود إلى تصديقه ويستمر الأمر على ما سبق‏.‏

وحيث قلنا القول قول نافي الإصابة فذلك إذا لم يوافق على جريان خلوه فإن وافق فقولان أظهرهما أن الحكم كذلك والثاني تصديق المثبت فعلى هذا تضم هذه الصورة إلى مواضع الإستثناء من تصديق النافي وتصير أربعة وبالله التوفيق‏.‏

قلت عجب قول الإمام الرافعي رحمه الله فيما إذا أتت بولد لزمن محتمل أنها المصدقة ويمكن أن يجيء فيه الخلاف والمسألة مشهورة ففي المهذب و التنبيه وغيرهما من الكتب المشهورة في المسألة قولان في أن القول قولها أم قوله لأن النسب يثبت بالإمكان ولأنه قد يولج بعض الحشفة أو يباشر فيما قارب الفرج فيدخل المني فيلحق النسب ولا وطء والله أعلم‏.‏